وبهذا يظهر لك الوجه في الاكتفاء بالمرة، وأنه لو أتى بأفراد متعددة دفعة واحدة سقط الأمر، وكان الجميع مصداقا للواجب.
(الأمر عقيب الحظر) (1) ورود (2) الأمر عقيب الحظر، بل عقيب توهمه، قرينة (3) غالبية على عدم كونه للوجوب، فلا يحمل عليه إلا بدليل أو قرينة معارضة قوية، ويكون مفاده حينئذ رفع الحظر السابق، وفرضه كالعدم، ولازم ذلك غالبا رجوع الحكم الأول، فيجب إن كان قبل واجبا، كقوله تعالى: وإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين (4) ويجوز إن كان جائزا مثل: وإذا حللتم فاصطادوا (5) فإذا تطهرن فآتوهن (6).
وبهذا يظهر لك ما في القول المشهور من المسامحة، وهو كونه للإباحة وتستغني به عن التفصيل الذي اختاره في الفصول، وهو أن حكم الشيء قبل الحظر إن كان وجوبا أو ندبا كان الأمر الوارد بعده ظاهرا فيه، فيدل على عود الحكم السابق، وإن كان غيره كان ظاهرا في الإباحة، فكلام المشهور صحيح فيما إذا كان الحكم السابق الإباحة، ولكنه ليس لكون الأمر للإباحة، ولا يصح في غيره، وما ذكرناه جامع لكلا شقي التفصيل.
ولا يخفى أن هذا لا يختص بالأمر، بل يشاركه فيه النهي الوارد بعد الأمر،