كشف الغطاء (ط.ق) - الشيخ جعفر كاشف الغطاء - ج ٢ - الصفحة ٣٨٥
الحلال من الحرام ثالثها ان التكليف في نفسه من أعظم اللطف وأكبر النعم لاستدعائه حصول الشرف التام والمنزلة الرفيعة في أعلا مقام حيث إن صفة العبودية لله والخدمة له وشرف الحضور والقيام بين يديه وتوجيه الخطاب في الدعاء والمناجات من العبد إليه وبذلك تحصل له المرتبة العظمى والمزية الكبرى والقدر العظيم والفخر الجسيم رابعها ان المبدء الفياض جل وعلا يجب عليه بمقتضى فيضه ولطفه وكرمه ان يفيض نعمه على عباده ويجعلهم غرقى في بحار لطفه وكرمه وإذا غمرتهم النعم وشملهم اللطف والكرم ولم يصدر منهم صورة العوض اخذهم الخجل وأحاط بهم الفشل لعدم صدور المقابل ووجدان العبد نفسه غير قابل فمن أعظم نعماء الله عليه واحسانه التام إليه امره له بالطاعات وتجنب المعاصي والتبعات ليرى نفسه وانه قد أدي بعض ما يقابل تلك النعم السابغات وإن كان كسحاب ترد البحر ثم تمطر عليه من مائه فان الكل منه وكلما كان من الحسن صادر عنه خامسها ان جميع ما أمر به بعد التأمل التام ترى فيه صلاحا للمأمور إما في اصلاح عقله أو نفسه أو بدونه أو أمر خارجي يرتبط به وجميع ما نهى عنه لا يخفى على صاحب الذهن الوقاد انه لا يخلوا من فساد حتى أن بعض العقلاء ادعوا انهم يعرفون احكام الشرع أصولا وفروعا بادراك عقولهم من تتبع الأدلة وبعض الأطباء ادعى ان جميع الأغذية المحرمة تعرف بمقتضى علم دون الطب وبعد بيان ذلك كان من الواجب على الله بمقتضى لطفه بيان الاحكام لجميع المكلفين من الرعية وبذلك يعلم المستحق للثواب من المستحق للمؤاخذة والعقاب والكريم إذا خلى من الحكمة جاز له ان يبنى القصور المشيدة والنمارق الممهدة والمأكل والمشارب الطيبة ويضع فيها الكلاب والخنازير والعاصي إذا لم يشمله عفو الله تعالى أدنى رتبة منها واما الحكيم فيضع الأشياء في مواضعها ويعطى كل عبد من عبيده ما يستحقها سادسها انه باعث على ترتب اللذات بالخدمة والخطاب والمناجات لجبار الأرض (الأرضين) والسماوات وأي لذة أعظم من القيام بين يدي مالك الملوك ومكالمته وتوجيه الخطاب إليه سابعها اشتماله على لذة الوفاء والآتيان بصورة الجزاء لتلك النعم التي ملأت ما بين الأرض والسماء ثامنها انه أقرب في رجاء نيل النعم ودفع النقم وتوهم ان الاتيان بالقليل في مقابلة ذلك اللطف الجزيل الجليل باعث على العكس مردود بان قدر النعمة عند المنعم عليه بمقدار احتياجه إليه إلى غير ذلك المبحث الرابع انه لما علم للواجب جل وعلا مطالب يريدها من العبد لصلاح يعود إلى العبد لا إليه لأنه تعالى غنى بذاته عما عداه والا لكان محتاجا ولم يكن هو الله وعلى مناهي يترتب على العبد منها الفساد فنهى عن فعلها المكلفين من العباد فقد وجب على الله اخبارهم بما أراد وما نهى عنه لترتب الفساد وإن كانت طرق الاخبار بأوامره ونواهيه محصورة بأمور هي هذه المذكورة لزم اختيار المختار منها وتعيين ما يصدر انتفاع المكلفين فمنها ان يخلق الله سبحانه صوتا في بعض الأجسام من هواء أو ماء أو شجر أو حجر أو مدر وذلك لا يوافق طريق الامتحان والاختبار ولم يعلم أن ذلك من الله بل جوز ان يكون من الشياطين أو من بعض الجان أو غيرهم من الأشرار ومنها ان يرسل بعض الملائكة أو بعض الجان وذلك أيضا لا يوافق الامتحان مصافا إلى انهم ان لم يأتوا بمعجز لهم لم يسمع كلامهم وارتفع عن العباد ملامهم وان اتوا ببعض المعاجز جوز المكلفون قدرتهم عليها من دون استناد إلى الخالق تعالى لانهم لا يعرفون حقيقتهم ويحتملون قابليتهم ومنها ان يرسل شخصا من نوعهم يعرفون حقيقته ومقدار قابلية ويحيلون استناد المعاجز إلى قدرته وبمقتضى الحكمة لا يجوز صدور المعجز عنه والا لا نقطع طريق العرفان وما هو المحبوب أو المكروه عند الملك الديان بل لا بد ان يظهر حاله إما باظهار صفات النقص فيه من خفة العقل أو زيادة الجهل أو بارتكابه الافعال الردية التي يهتدى بها أدنى الجهال فيه إلى عدم القابلية أو بظهور انها تصوير ليست مستندة إلى قدرة البصير الخبير أو بادعائه دعاوى تنكرها العقول ولا تدخل عندهم في حيز القبول إلى غير ذلك من الأسباب الدالة على أنه ساحر كذاب ومفتر مرتاب فقد انحصر طريق معرفة تكاليف رب الأرض والسماء بارسال الرسل والأنبياء وطريق معرفة نبوتهم ورسالتهم بالاتيان بالمعجزات وخوارق العادات فالانقطاع عن النبي انقطاع عن العبودية واعراض عن جميع تكاليف رب البرية فالكفر بواحد من الأنبياء كفر بخالق السماء ومبدع الأشياء المبحث الخامس انه قد تبين مما تقدم ان طريق معرفة أوامر الله ونواهيه لا يتوصل إليها الا بواسطة الأنبياء وان معرفتهم لا يتوصل إليها الا بشهادة الآيات والمعجزات فمن الواجب العيني على كل مكلف ان يحد ويجتهد في معرفة النبي المبعوث لابلاغ الاحكام وتمييز الحلال والحرام والمنكر له منكر لثبوت الأحكام الشرعية ناف لوجوب الطاعة والخدمة لرب البرية وهو على حد الكفر بالربوبية وقد دلت المعجزات الباهرة والبراهين الظاهرة على أن النبي المبعوث إلينا والمفروضة طاعته من الله علينا أعلى الأنبياء قدرا وارفع الرسل في الملاء الاعلى ذكرا الذي بشرت الرسل بظهوره وخلقت الأنوار كلها بعد نوره محمد المختار واحمد صفوة الجبار ذو الآيات الطاهرة والمعجزات المتكاثرة التي قصرت عن حصرها السن الحساب وكلت عن سطرها أقلام الكتاب كانشقاق القمر وتظليل الغمام وحنين الجذع وتسبيح الحصى وتكليم الموتى ومخاطبة البهائم وغرس الأشجار على الفور في القفار وأتمار يابس الشجر وقصة الغزالة صبح خشفيها وخروج الماء
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب القرآن في بيان إعجازه وكيفية الخطاب وفضله 298
2 في بيان الطهارة حال القراءة وغيرها من الآداب 300
3 في بيان ما يستحب قرائته في الصلاة 303
4 كتاب الذكر وآدابه واحكامه 304
5 في بيان أذكار الصباح والمساء 306
6 كتاب الدعاء وأحكامه وآدابه 307
7 في بيان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله أول الدعاء ووسطه وآخره 308
8 في بيان فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وكيفيتها وآدابها 310
9 في بيان الاحكام المشتركة بين القرآن والذكر والدعاء 312
10 كتاب الصيام في بيان فضيلته وآدابه 314
11 في بيان شروطه الصحة 317
12 في بيان موانعه و مفسداته 319
13 في بيان أقسامه وما هو المندوب منه 322
14 في بيان المكروه والمحظور من الصوم 324
15 في بيان الواجب من الصوم وطريق ثبوت شهر رمضان 325
16 في بيان ما وجب بالنذر والعهد واليمين من الصوم 326
17 في بيان صوم النيابة بالإجارة وغيرها أو بالقرابة 327
18 في بيان صوم القضاء ومن يسقط عنه القضاء 328
19 في بيان ما يقضى ويتدارك من الصيام واحكام القضاء 329
20 في بيان صوم الكفارات وأقسامها 330
21 في بيان اقسام الكفارات من العتق والصيام والاطعام وغيره 331
22 كتاب الاعتكاف في بيان حقيقته وشروطه 333
23 في بيان احكام الاعتكاف 336
24 كتاب العبادات المالية وبيان المقدمات 338
25 في بيان الاحكام المشتركة بين العبادات المالية 339
26 كتاب الزكاة وبيان حقيقتها و وجوبها 343
27 في بيان من تجب عليه الزكاة 345
28 في بيان زكاة الغلات وشروطها واحكامها 347
29 في بيان زكاة النقدين وشروطها 349
30 في بيان زكاة الأنعام وشروطها 350
31 في بيان ما يستحب فيه الزكاة 353
32 في بيان أصناف المستحقين للزكاة 353
33 في بيان أوصاف المستحقين للزكاة 355
34 في بيان كيفية الاخراج 356
35 في بيان زكاة الفطرة ومن تجب عليه 357
36 في بيان مبدء وقت الوجوب 358
37 في بيان مصرفها ومقدار ما يعطى منها وأحكامها 359
38 كتاب الخمس وبيان ما يجب فيه الخمس 359
39 في بيان قسمة الخمس وكيفيته 362
40 في بيان كيفية الدفع وزمانه 363
41 في بيان الأنفال 363
42 في بيان صدقات المندوبات وفضلها ومقدارها ومصارفها 364
43 في بيان العبادات من المالية المحضة الداخلة في العقود 364
44 في بيان الوقف وصيغته 365
45 في بيان ما يتعلق بالمتعاقدين 366
46 في بيان ما يتعلق بخصوص الموجب أو القابل 367
47 في الواقف 367
48 في بيان الموقوف 368
49 في بيان الموقوف عليه 369
50 في بيان الناظر وأقسامه 371
51 في بيان شرائط الوقف 372
52 في بيان اقسام الوقف 374
53 في بيان احكام الموقوفات 375
54 في بيان الشروط الأصلية والجعلية 379
55 في بيان أقسامه 380
56 في بيان أحكامه 380
57 كتاب الجهاد في بيان معناه وأقسامه 381
58 في بيان فضيلة الجهاد 382
59 في بيان الآيات والروايات اللتي تدلان على الجهاد 383
60 في بيان حسن التكليف 384
61 في بيان معجزات النبي صلى الله عليه وآله 385
62 في بيان أسباب تفاصيل التكاليف وبيان اللم في وضعها على أنحاء مختلفة 391
63 في بيان سبب العصيان وأقسام المعاصي 392
64 في بيان نقل الأقوال في الكبيرة 393
65 في بيان معنى الارتداد الفطري والملي 393
66 في بيان اقسام الحروب وشروطها 395
67 في بيان تفصيل أسباب الاعتصام 396
68 في بيان من اعتصموا بالاسلام وأقسامهم 398
69 في بيان المعتصمون بالصلح والعهد والايمان والمهادنة 399
70 في بيان احكام المشتركة بين اقسام الاعتصام 399
71 في بيان تفصيل احكام عقد الذمة 401
72 في بيان معنى الخوارج و النواصب والغلات 402
73 في بيان معنى البغاة 403
74 في الكفار الخالين عن أسباب الاعتصام 404
75 فيما يتعلق بالمحاربة والمقاتلة 405
76 في الاستيلاء بالحرب والجهاد على الأعداء 406
77 في بيان احكام ما يتعلق بغير القسم الأخير من اقسام الجهاد 407
78 في بيان المرابطة وأحكامه 409
79 في بيان الغنائم واحكامها 410
80 في بيان الغنائم الغير المنقولة كالأراضي وغيرها 411
81 في بيان مالا يقسم من الغنائم 414
82 في بيان قسمة الغنائم وكيفيتها واحكامها 415
83 في بيان احكام المرتد وأقسامه 418
84 في بيان المحاربة وأحكامها 419
85 في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 419
86 كتاب الحج وبيان مقدماته 421
87 في ما يتعلق بوجوب الحج ووجوب العمرة 428
88 في بيان اقسام الحج وأحكامها وشرائطها 429
89 في بيان الواجبات بالأسباب الخارجية وأحكامها 434
90 في بيان ما يجب فيه القضاء ومالا يجب 438
91 في بيان ما وجب بالنذر والعهد واليمين 439
92 في بيان أفعال الحج وآدابها وكيفيتها 441
93 في بيان لبس ما يلزم المحرم وكيفيته وأحكامه 444
94 في بيان احكام الاحرام 445
95 في بيان مواقيت الاحرام 446
96 في بيان محرمات الاحرام 449
97 في بيان كفارات الاحرام 457
98 في بيان باقي المحظورات في الاحرام 465
99 في بيان الحصر والسد وأحكامهما 470