الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٦٦
المذكور يدور صدق الوصفين على مذهب النظام مدار الاعتقاد فيكون الخبر في الفرض المذكور صدقا في وقت وكذبا في آخر كما أنه يكون صدقا بالنسبة إلى شخص وكذبا بالنسبة إلى آخر وإنكاره لزوم ذلك بعد تنزيل كلامه على ما مر مما لا وجه له اللهم إلا أن ينزل الاعتقاد في كلام النظام على الاعتقاد المطابق للواقع وهو أغرب من التنزيل السابق ثم اعلم أن العضدي ذكر أن النزاع في هذه المسألة لفظي ليس فيه كثير فائدة ووجهه التفتازاني بأن هذه المسألة لغوية لا تعلق لها بعلم الأصول كثير تعلق لا أنه نزاع يتعلق بالاصطلاح على ما يشعر به كلام الآمدي إذ لا قائل بنقل اللفظين هذا ملخص كلامه وأورد الفاضل المذكور عليه بأن كون المسألة لغوية لا يوجب عدم تعلقها بعلم الأصول كيف ومعرفة ماهية الخبر المبحوث عنها في علم الأصول تتوقف على معرفتهما فيجب البحث عنهما كبحثهم عن سائر الموضوعات وزعم أن قول العضدي ليس فيه كثير فائدة يمكن أن يكون ناظرا إلى ما ذكره في توجيه كلام الجاحظ والنظام قال وإلا قرنت بالفروع المذكورة فائدة كثيرة والجواب أن قول التفتازاني لا تعلق لها بعلم الأصول صفة احترازية لا توضيحية وحاصله أن هذه المسألة من المسائل اللغوية التي لا حاجة للأصولي إلى تحقيقها ولا توقف لمعرفة ماهية الخبر عليها لصحة الحد على جميع التفاسير وحصول التميز المقصود بالتعريف بأيها قيل مع أن غرض الأصولي لا تتعلق بالخبر بالمعنى المذكور بالمعنى الآتي ومعرفة حقيقة لا يتوقف على معرفتهما أصلا وأما تنزيل كلام العضدي على التأويل المذكور فهو كما ترى مع أنه مناف لنقله الاجماع على تصديق اليهودي إذا أخبر بأن الاسلام حق وتكذيبه إذا أخبر بخلافه كما عرفت ولا ينافي لما ذكره ثبوت الفروع المذكورة لأنها فوائد قليلة خفية يتفرع على معرفة مدلول هذين اللفظين وليس محط نظر الأصولي إلى أمثاله وإلا لكان عليه البحث عن جميع الألفاظ اللغوية المختلف فيها مما يترتب عليه ثمرات فقهية كالصعيد والقر والمرفق والمنكب وما أشبه ذلك بل نظر الأصولي مقصور على البحث عن القواعد الكلية كما يفصح عنه حد علم الأصول ومنها البحث عن مداليل الهيئات اللفظية كهيئة الأمر والنهي وألفاظ العموم كالجمع والمفرد المعرفين والمضافين والنكرة المنفية والموصول وأما بحثهم عن مثل لفظ الأمر والنهي والعام فاستطرادي كما لا يخفى هذا واعلم أن الفاضل الجواز بعد أن نقل عن الجاحظ إثبات الواسطة ونبه على فساده قال واعلم أن النزاع في هذه المسألة كاللفظي فإنا نقطع أن كل خبر إما مطابق للمخبر عنه أو لا فإن اكتفي في الصدق بالمطابقة كيف كان وجب القطع بأنه لا واسطة وإن اعتبر العلم بالمطابقة أيضا في الصدق والعلم بالعدم في الكذب يثبت الواسطة بالضرورة وهو الخبر الذي لا يعلم فيه المطابقة كذا قيل وفيه نظر يعلم بأدنى تأمل انتهى قال الفاضل المعاصر وجه النظر أن النزاع في إثبات الواسطة بعينه هو النزاع في معنى الصدق والكذب وليس شيئا على حدة حتى يتفرع عليه ويصير النزاع لفظيا انتهى أقول لا شك في تعدد النزاعين وإن تفرع أحدهما على الاخر ضرورة أن النزاع في معنى الصدق والكذب غير النزاع في ثبوت الواسطة بينهما وإن تفرع عليه بل التحقيق أن وجه النظر أن النزاع في الواسطة معنوي محض وأن وضوح الحكم على كل من التقديرين لا يصير النزاع كاللفظي وإلا لكان كل النزاعات أو جلها كاللفظية إذ يصح أن يقال فيها إن صحت الأدلة التي تمسك بها صاحب هذا القول فلا ريب في ثبوت دعواه وإن صحت أدلة الاخر فكذلك فيصير النزاع كاللفظي و لعل هذا المتوهم قد اعتبر بظاهر عبارة العضدي ومن حذا حذوه حيث ذكروا أن النزاع هنا كاللفظي فلاحظ أن اللفظي لا يستقيم فيه بمعناه المعروف فنزله على طريق الاستعارة والتشبيه ووجهه بما مر وقد عرفت أن مرادهم باللفظي ليس شئ من ذلك وإنما أرادوا أن النزاع لغوي لا تعلق له بعلم الأصول كما نبه التفتازاني عليه فصل ويطلق الخبر أخرى ويراد به ما يرادف الحديث وهو من مصطلح أهل الدراية وعرف حينئذ بأنه ما يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره غير قرآن ولا عادي ويسمى عندهم ذلك المحكي سنة فالموصولة مع صلتها بمنزلة الجنس والمراد بها ما يتناول اللفظ والكتابة وإن فسرت بمطلق الدال تناولت الإشارة أيضا وفي تناول المحدود لها نظر وخرج بتقييدها بأحد الثلاثة ما يحكي غيرها وإن تعلق بالمعصوم كحكاية صفات بشرية وكيفية خلقته والمراد بالقول المركب التام فيخرج مفردات الحديث إذا أخذت من حيث الافراد ويمكن حمله على معناه الأصلي فيتناول البعض والكل كاسم الجنس والمراد بالمعصوم ما يتناول النبي والأئمة وفي شموله للزهراء عليها السلام وجه فيكون التذكير مبنيا على التغليب و ظاهر الحديث يتناول قول سائر الأنبياء عليهم السلام وكأنهم يلتزمون بتناول المحدود له أيضا ولا يخلو من بعد ويتناول قول الملائكة أيضا والتزام تناول المحدود له بعيد وحمل اللام على العهد بدفع الاشكالين ثم اعتبارا المعصوم عليه السلام مبني على مذهب أصحابنا الامامية والعامة يكتفون بالانتهاء إلى أحد الصحابة أو التابعين وقولهم غير قرآن يخرج حكاية القرآن إن اعتبر من حيث كونه مقولا للمعصوم كالآيات التي وقع الاستشهاد بها في الاخبار وأما إذا اعتبر من حيث صدوره عنه تعالى وكونه مقولا له فهو خارج بقيد المعصوم وأما الحديث القدسي فهو خارج باعتبار كونه حكاية لقوله تعالى وداخل باعتبار كونه حكاية لقول المعصوم والظاهر أنه يسمى بالاعتبار الأول حديثا قدسيا على الحقيقة إما نظرا إلى معناه اللغوي أو لكونه مقيدا بالقدسي حقيقة فيه عرفا وكيف كان فهو لا ينافي منع إطلاق مطلق الحديث عليه عرفا على الحقيقة وقولهم و لا عادي يخرج حكاية أفعالهم وأقوالهم العادية مما اشتمل عليه كتب التواريخ وشبهها فإنها لا تسمى خبرا ولا حديثا وذلك كحكايتهم لفعل غير المعصوم عليه السلام أو قوله نظما أو نثرا أو بعضهم ترك قوله غير أن ولا عادي فأورد عليه النقض بحكايتهما ثم على الحد إشكالات منها أن قولهم غير قرآن إما راجع إلى الموصولة أو القول فقط أو إليه مع تالييه فعلى الأول ينتقض طرد الحد
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»