الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١١٥
فبأنه قياس وهو باطل عندنا وأما ثانيا فببيان الفارق وهو أنه قد عرفت أن الغرض من الامر بأداء الدين إبراء الذمة والخروج عن حق الغير فلا يسقط بالتأخير لوجود السبب بخلاف المقام الثالث لو وجب القضاء بأمر جديد لكان أداء والتالي باطل بالاتفاق بيان الملازمة أنه أمر به بعد الوقت فأداؤه فيه أداء في الوقت والجواب منع الملازمة إذ ليس كل فعل أدى في الوقت الذي أمر بالأداء فيه أداء بل يعتبر أن لا يكون على وجه البدلية عما فات وقته كما عرفت وقد يستدل من قبل الخصم بروايتي إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم و الميسور لا يسقط بالمعسور وهما لو تمتا لدلتا على ثبوت أصل الحكم لا على دلالة الامر عليه كما هو محل البحث والجواب بعد تسليم السند أما عن الرواية الأولى فبأن المفهوم من سياقها الاتيان بالمأمور به ما دامت الاستطاعة باقية والفعل المقيد بوقت معين لا يستطاع خارجه فلا تدل الرواية على الامر به وكذا لو فسرت الموصولة بالفرد وقد تقدم ذكرها في فصل نفي دلالة الامر على التكرار وأما عن الثانية فبأن الظاهر من نفي السقوط نفي سقوط الحكم السابق فيكون المراد من الميسور الواجب الميسور أو فرده وكذا المعسور دون جزئه أو ما بحكمه فتكون الرواية واردة على حسب الضابطة ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من الاحتمال ولو سلم تناوله للجز وما بحكمه فلا اختصاص له بالواجب فيتعين حمل عدم سقوطه على الأعم من الوجوب والندب أعني مطلق المطلوبية ليستقيم في المندوب غالبا فلا تدل على الوجوب في الواجب ومع ذلك ينافيه لفظ السقوط فإن مقتضى نفيه بقاء الحكم السابق لا حدوثه ولا سبيل إلى حمله على عدم سقوط حكمه السابق من مطلوبيته مقيدا أو في ضمن الكل أو للكل لان ذلك مقطوع السقوط أما الأولان فواضح وأما الثالث فلما نبهنا عليه عند بحث المقدمة من أن وجوب المقدمة بدون وجوب ذيها غير معقول مع أنه لا يفيد مقصود المستدل ومن هنا يتبين وجه التفريع على الظهور الذي ادعيناه أولا نعم للخصم أن يتفصى عن الاشكال الأول بعدم القول بالفصل فإن من قال برجحان قضاء الواجب قال بوجوبه وعن الثاني بجعل نفي السقوط بمعنى عدم خلوه عن مثل الحكم السابق لأنه أقرب المجازات إلى نفي السقوط أو بمنع سقوط أصل الحكم السابق وإن سقط كيفيته ولو على حسب متفاهم العرف ولا يخفى ما فيهما من التكلف المستغنى عنه وقد يستدل أيضا بقوله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وفيه أن الظاهر منها الصلاة لا مطلق الواجب وأولى من ذلك الاحتجاج بقوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا فإن الامتثال و الاتيان بالمأمور به شكر لا سيما على تفسير بعضهم له بأنه صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه فيما أمره به فينوب فعله خارج الوقت مناب فعله في الوقت لان ذلك قضية كونه خلفة وفيه بعد تسليم صدق الشكر على فعل المأمور به أنه إنما يصدق عليه إذا ثبت كونه مأمورا به ولا كلام على تقديره وإنما الكلام في إثبات الامر ولا دلالة للآية عليه واعلم أن العضدي بنى الخلاف على أن صوم يوم الخميس هل هو شيئان في الخارج كما في اللفظ والذهن فيبقى أحدهما بعد انتفاء الاخر أو شئ واحد فينتفي أحدهما بانتفاء الاخر ثم جعل ذلك ناظرا إلى الخلاف في أن الجنس والفصل هل يتمايزان في الخارج أو يتحدان فيه واعترض عليه بوجوه الأول أن بناء العرف و اللغة على التدقيقات الحكمية ليس على ما ينبغي وفيه أن ذلك إنما يرد عليه ما لو ادعى دلالة اللفظ عليه بحسب العرف واللغة وأما لو ادعى ذلك بحسب العقل فلا ورود له عليه مع أن أهل اللغة والعرف قد يدركون بعض الدقائق الحكمية على وجه الاجمال فيجوز أن يكون بناء فهمهم عليه الثاني أن دعوى تمايز الجنس والفصل في الخارج بعيدة عن التحقيق على ما تبين في محله وللخصم أن لا يلتزم بذلك ويقرر مبنى الخلاف بوجه آخر وهو أنه لا ريب في أن المطلوب في الفرض المذكور إنما هو نفس المقيد والقيد خارج عنه معتبر فيه لكنه يحتمل أن يكون معتبرا في الصحة فينتفي الوجوب بانتفائه أو في الكمال فيبقى الوجوب فمبنى النزاع على بيان أن أيهما أظهر الثالث أنه يجوز أن يكون المطلوب على التقدير الأول إتيانهما مجتمعين فينتفي المطلوب بانتفاء أحدهما أو يكون المطلوب على التقدير الثاني الماهية المطلقة ويكون ذكر الخاص لكونه محصلا لهما فلا ينتفي المقصود بانتفاء الخصوصية وأورد عليه بعض المعاصرين بأن الوجه الأول مدفوع بأن احتمال اعتبار لا اجتماع وإن اعتضد بأصالة البراءة عن القضاء لكن يعضد الاحتمال الاخر أصالة عدم الاجتماع مع أن الاشتغال بمجمل التكليف مستصحب لا يحصل البراءة منه إلا بالقضاء ولا يكفي فيه احتمال البراءة وأن الوجه الثاني مدفوع بأن احتمال إرادة المطلق من المقيد لا يكفي في نفي البراءة الأصلية مع أن المتبادر من المقيد اعتبار التقييد فيه ولا يخفى ما فيه إذ مقصود العضدي بيان منشأ النزاع كما هو نص كلامه لا بيان التحقيق في المقام على كل من التقديرين وحينئذ فلا مدفع له عن الاعتراض المذكور وأما الأصول المذكورة فما لم يثبت تعويل كل من المتخاصمين عليه في المقام مع ما في أصالة عدم اعتبار الاجتماع و قضاء استصحاب الاشتغال بمجمل التكليف بتحصيل البراءة منه بالقضاء من الوهن الواضح الرابع أن القول بتمايز الجنس والفصل في الخارج لا يقتضي جواز انفكاك أحدهما عن الاخر سيما على القول بعلية الفصل فلا يلزم بمجرد ذلك القول بأن القضاء بالامر الأول وأيضا لا ريب في أن الجنس لا يتقوم في الخارج إلا بالفصل سواء قلنا بأنهما يتمايزان فيه أو لا فيتوقف بقاء الجنس عند زوال فصله على وجود فصل آخر فكما أن الأصل بقاء الجنس بعد زوال فصله كذلك الأصل عدم حصول فصل آخر فلا يلزم القول بالاقتضاء وفيه نظر إذ عدم اقتضاء تمايز الجنس والفصل في الخارج لجواز الانفكاك لا ينافي جواز الانفكاك الثابت بالأصل فيصح تفريع النزاع عليه سلمنا لا يلزم من عدم جواز الانفكاك هناك عدم جوازه هنا مع أن النزاع هناك في جواز الانفكاك بحسب الموجود والتحصل وهو لا ينافي جواز الانفكاك بحسب المطلوبية كما هو المقصود في المقام الخامس أن تنظير
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»