عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٦٤٩
وللقياس شروط وهي:
انه لابد أن يكون الأصل الذي هو المقيس عليه وحكمه معلومين.
ويعلم أيضا الفرع الذي هو المقيس، والشبه الذي الحق أحدهما بالآخر.
وان كان القياس عقليا فلابد من كون العلة في الأصل معلومة كونها علة، وان كان شرعيا اجازه الفقهاء.
ومن أثبت القياس أن تكون مظنونة، ويخالف القياس العقلي السمعي فيما يرجع إلى احكام العلة، لان العلة العقلية موجبة ومؤثرة تأثير الايجاب، والسمعية - عند من قال بها - ليست كذلك، بل هي تابعة للدواعي والمصالح المتعلقة بالاختيار، ولا دخول للايجاب فيما يجري هذا المجرى، وهي في القياس العقلي لا تكون الا معلومة، وفي السمع لا يجب أن تكون معلومة، بل يجوز أن تكون مظنونة، ومتى علمت في العقلي علق الحكم بها، ولم يحتج في تعليق الحكم عليها إلى دليل مستأنف، وليس كذلك علة السمع فإنها عند أكثرهم لا يكفي في تعليق الحكم بها في كل موضع ان تعلم، بل يحتاج فيها إلى التعبد بالقياس.
وعلة السمع قد تكون أيضا مجموع أشياء، وقد يحتاج إلى شروط في كونها علة، وقد يكون علة في وقت دون وقت، وفي عين دون أخرى، والوقت واحد، عند من أجاز تخصيص العلة، وقد تكون العلة الواحدة علة للأحكام كثيرة.
وكل هذا وأشباهه تفارق فيه علة العقل لعلة الشرع.
[واختلف (1) الناس في القياس في الشريعة، فمنهم من نفاه، ومنهم من أثبته] (2).

(١) يبدأ المصنف من هنا إلى نهاية بحث القياس في صفحة ٧١٩ بنقل نص كلام الشريف المرتضى في (الذريعة ٢: ٧٩١ - ٦٧٣) مع بعض التصرفات البسيطة التي لا تؤثر في تغيير معاني الاستدلالات التي أوردها المرتضى رحمه الله.
(٢) الزيادة من النسخة الثانية. وقد اختلف الأصوليون في حجية القياس وكونه أصلا ومصدرا للتشريع الفقهي وعدم ذلك، وقد كثر الحديث بين الفقهاء حول القياس وحجيته كثرة غير متعارفة وكتبت عنه المجلدات، وأهم المذاهب في ذلك مذهبان:
المذهب الأول: إن القياس أصل من أصول التشريع ومصدر لاستنباط الأحكام الشرعية، وتعد حجة شرعية، بمعنى ان القياس أصل ودليل نصه الشارع ليستنبط منه من هو أهل الاستنباط الحكم الشرعي، وشأنه في ذلك شأن الكتاب والسنة والاجماع. وهذا هو رأي جمهور أهل السنة من السلف والخلف، ولكنهم اختلفوا في ذلك، فمنهم من يرى جوازه عقلا وشرعا، ومنهم من يرى وجوبه عقلا ويأتي الشرع مؤكدا له، وآخرون يرون وجوبه عقلا فقط وغيرهم يرى وجوبه عقلا وشرعا.
المذهب الثاني: ان التعبد بالقياس مستحيل وممنوع عقلا وشرعا. وهذا رأي الامامية والظاهرية.
وأما المذاهب المتفرعة عن هذين المذهبين فهي:
١ - القول بالمنع شرعا (لا عقلا) عن العمل بالقياس في الاستنباطات الشرعية، وهذا هو رأي الامامية استنادا إلى تواتر اخبار أهل البيت - عليهم السلام - في الردع عن العمل به.
٢ - القول باستحالة التعبد بالقياس عقلا، وهو رأي بعض المعتزلة كالنظام، والظاهرية.
٣ - القول بوجوب التعبد بالقياس عقلا.
٤ - القول بأنه لا حكم للعقل في القياس بإحالة ولا إيجاب ولكنه في مظنة الجواز.
٥ - القول بوجوب التعبد به شرعا وإن لم يوجبوه من وجهة عقلية، وهذا قول بعض الشافعية.
٦ - القول بالجواز العقلي ووقوع التعبد الشرعي، وهو قول جمهور أهل السنة.
انظر " المعتمد ٢: ٢٠٠ التبصرة: ٤١٩، المستصفى ٢: ٥٦ الاحكام للآمدي ٤: ٢٧٢، للمع: ٩٣٠، شرح اللمع ٢: ٧٦٠، الذريعة ٢: ٦٧٥، التذكرة بأصول الفقه: ٣٨، روضة الناظر: ٢٥١، المنخول: ٣٣٠، ميزان الأصول ٢: ٧٩٨ أصول السرخسي ٢: ١١٨، ارشاد الفحول: ٢٩٦، الأبهاج ٣: ١١، شرح المنهاج ٣: ٦٣٨، الأصول العامة للفقه المقارن: ٣٥٨ - 303، مباحث العلة في القياس: 55 - 40 والمصادر الواردة فيه، ملخص ابطال القياس والرأي لابن حزم، الاحكام لابن حزم 7: 483 - 368 و 8: 519 - 487 ".
(٦٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 642 643 645 647 648 649 650 651 652 653 654 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759