تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٠
الكل إشارة وأنت المعنى * يا من هو للقلوب مغناطيس وأكثر كلامه قدس سره من هذا القبيل بل هو أم وحدة الوجود وأبوها وابنها وأخوها، وإياك أن تقول كما قال ذلك الأجل حتى تصل بتوفيق الله تعالى إلى ما إليه وصل والله عز وجل الهادي إلى سواء السبيل، تم الكلام على السورة والحمد لله على جزيل نعمائه والصلاة والسلام على رسوله محمد مظهر أسمائه وعلى آله وأصحابه وسائر أتباعه وأحبائه وصلاة وسلاما باقيين إلى يوم لقائه.
سورة الشورى وتسمى سورة * (حم * عسق) *. و * (عسق) * نزلت على ما روي عن ابن عباس. وابن الزبير بمكة وأطلق غير واحد القول بمكيتها من غير استثناء، وفي " البحر " هي مكية إلا أربع آيات من قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (الشورى: 23) إلى آخر أربع آيات، وقال مقاتل: فيها مدني قوله تعالى: * (ذلك الذي يبشر الله عباده) * - إلى - * (الصدور) * (الشورى: 23، 24) واستثنى بعضهم قوله تعالى: * (أم يقولون افترى) * (الشورى: 24) الخ، قال الجلال السيوطي: ويدل له ما أخرجه الطبراني. والحاكم في سبب نزولها فإنها نزلت في الأنصار، وقوله سبحانه: * (ولو بسط الله الرزق) * (الشورى: 27) الخ فإنها نزلت في أصحاب الصفة رضي الله تعالى عنهم، واستثنى أيضا * (الذين إذا أصابهم البغي) * إلى قوله تعالى: * (من سبيل) * (الشورى: 39 - 41) حكاه ابن الفرس، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يدل على استثناء غير ذلك على بعض الروايات، وجوز أن يكون الإطلاق باعتبار الأغلب وعدد آياتها ثلاث وخمسون في الكوفي وخمسون فيما عداه والخلاف في * (حم * عسق) * وقوله تعالى: * (كالأعلام) * كما فصله الداني. وغيره، ومناسبة أولها لآخر السورة قبلها اشتمال كل على ذكر القرآن وذب طعن الكفرة فيه وتسلية النبي صلى الله عليه وسلم.
* (حم * عسق) *.
* (حم * عسق) * لعلهما اسمان للسورة وأيد بعدهما آيتين والفصل بينهما في الخط وبورود تسميتها * (عسق) * من غير ذكر * (حم) *، وقيل: هما اسم واحد وآية واحدة وحقه أن يرسم متصلا كما في * (كهيعص) * لكنه فصل ليكون مفتتح السورة على طرز مفتتح أخواتها حيث رسم في كل مستقلا وعلى الأول: هما خبران لمبتدأ محذوف، وقيل: * (حم) * مبتدأ و * (عسق) * خبره وعلى الثاني: الكل خبر واحد، وقيل: إن * (حم * عسق) * إشارة إلى هلاك مدينتين تبنيان على نهر من أنهار المشرق يشق النهر بينهما يجتمع فيهما كل جبار عنيد يبعث الله تعالى على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها ويخسف بالأخرى في الليلة الأخرى، وروي ذلك عن حذيفة، وقيل: إن * (حم) * اسم من أسماء الله تعالى و * (عين) * إشارة إلى عذاب يوم بدر و * (سين) * إشارة إلى قوله تعالى: * (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (الشعراء: 26) و * (قاف) * إلى قارعة من السماء تصيب الناس، وروي ذلك بسند ضعيف عن أبي ذر، والذي يغلب على الظن عدم ثبوت شيء من الروايتين.
وفي " البحر " ذكر المفسرون في * (حم * عسق) * أقوالا مضطربة لا يصح منها شيء ضربنا عن ذكرها صفحا، وما ذكرناه أولا قد اختاره غير واحد، ومنهم من اختار أنها مقطعات جىء بها للإيقاظ، وقرأ ابن عباس. وابن مسعود (حم سق) بلا عين.
وقوله تعالى:
* (كذلك يوحىإليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) *.
* (كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) * كلام مستأنف وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعيف الكتب المنزلة على سائر الرسل المتقدمين في الدعوة إلى
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»