تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١١
التوحيد والإرشاد إلى الحق أو أن إيحاءها بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها، والكاف مفعول * (يوحى) * على الأول: أي يوحى مثل ما في هذه السورة من المعاني أو نعت لمصدر مؤكد على الثاني: أي يوحى إيحاء مثل إيحائها إليك وإلى الرسل أي بواسطة الملك، وهي في الوجهين اسم كما هو مذهب الأخفش وإن شئت فاعتبرها حرفا واعتبر الجار والمجرور مفعولا أو متعلقا بمحذوف وقع نعتا، وقول العلامة الثاني في التلويح: إن جار الله لا يجوز الابتداء بالفعل ويقدر المبتدأ في جميع ما يقع فيه الفعل ابتداء كلام غير مسلم وقد ترددوا فيه حتى قيل: إنه لم يظهر له وجه.
وجوز أبو البقاء كون * (كذلك) * مبتدأ * (ويوحى) * الخبر والعائد محذوف أي مثل ذلك يوحيه إليك الخ وحذف مثله شائع في الفصيح، نعم هذا الوجه خلاف الظاهر، والإشارة كما أشرنا إليه إلى ما في السورة أو إلى إيحائها، والدلالة على البعد لبعد منزلة المشار إليه في الفضل، وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية للدلالة على استمراره في الأزمنة الماضية وأن إيحاء مثله عادته عز وجل، وقيل: إنها على التغليب فإن الوحي إلى من مضى مضى وإليه عليه الصلاة والسلام بعضه ماض وبعضه مستقبل، وجوز أن تكون على ظاهرها ويضمر عامل يتعلق به * (إلى الذين) * أي وأوحى إلى الذين وهو كما ترى، وفي جعل مضمون السورة أو إيحائها مشبها به من تفخيمها ما لا يخفى.
وقرأ مجاهد. وابن كثير. وعياش. ومحبوب كلاهما عن أبي عمرو * (يوحى) * مبنيا للمفعول على أن * (كذلك) * مبتدأ * (ويوحى) * خبره المسند إلى ضميره أو مصدر و * (يوحى) * مسند إلى * (إليك) * و * (الله) * مرتفع عند السكاكي على الفاعلية ليوحى الواقع في جواب من يوحى؟ نحو ما قرروه في قوله تعالى: * (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) * على قراءة * (يسبح) * بالبناء للمفعول، وقوله: ليبك يزيد ضارع لخصومة * ومختبط مما تطيح الطوائح وقال الزمخشري: رافعه ما دل عليه * (يوحى) * كأن قائلا قال: من الموحي؟ فقيل: الله وإنما قدر كذلك على ما قاله صاحب الكشف ليدل على أن الإيحاء مسلم معلوم وإنما الغرض من الإخبار إثبات اتصافه بأنه تعالى من شأنه الوحي لا إثبات أنه موح، ولم يرتض القول بعدم الفرق بين هذا وقوله تعالى: * (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) * بل أوجب الفرق لأن الفعل المضارع هنالك على ظاهره لم يؤت به للدلالة على الاستمرار ولهم فيه مقال.
و * (العزيز الحكيم) * صفتان له تعالى عند الشيخين، وجوز أبو حيان كون الاسم الجليل مبتدأ وما بعده خبر له وقيل: * (الله العزيز الحكيم) * إلى آخر السورة قائم مقام فاعل * (يوحي) * أي هذه الكلمات.
وقرأ أبو حيوة. والأعشى عن أبي بكر. وأبان * (نوحي) * بنون العظمة فالله مبتدأ وما بعده خبر أو * (العزيز الحكيم) * صفتان، وقوله تعالى:
* (له ما فى السم‍اوات وما فى الارض وهو العلى العظيم) *.
* (له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم) * خبر له، وعلى الأوجه السابقة استئناف مقرر لعزته تعالى وحكمته عز وجل.
* (تكاد السم‍اوات يتفطرن من فوقهن والمل‍ائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الارض ألا إن الله هو الغفور الرحيم) *.
* (تكاد السماوات) * وقرىء * (يكاد) * بالياء * (يتفطرن) * يتشققن من عظمة الله تعالى وجلاله جل شأنه وروي ذلك عن قتادة. وأخرج جماعة منهم الحاكم وصححه عن ابن عباس أنه قال: تكاد السماوات يتفطرن من الثقل، وقيل: من دعاء الشريك والولد له سبحانه كما في سورة مريم، وأيد هذا بقوله تعالى بعد: * (والذين اتخذوا من دونه أولياء) * فإيراد الغفور الرحيم بعد لأنهم استوجبوا بهذه المقالة
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»