تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨٤
بصدد بيان انتفائه مما لم يعهد في كلام الناس فضلا عن الكلام المجيد فالحق الذي لا محيد عنه أن قوله تعالى إذ تقول ظرف لنصركم وأن ما حكى في أثنائه إلى قوله تعالى خائبين متعلق بيوم بدر قطعا وما بعده محتمل الوجهين المذكورين وقوله تعالى «فإنهم ظالمون» تعليل على كل حال لقوله تعالى أو يعذبهم مبين لكون ذلك من جهتهم وجزاء لظلمهم «ولله ما في السماوات وما في الأرض» كلام مستأنف سيق لبيان اختصاص ملكوت كل الكائنات به عز وجل إثر بيان اختصاص طرف من ذلك به سبحانه تقريرا لما سبق وتكمله له وتقديم الجار للقصر وكلمة ما شاملة للعقلاء أيضا تغليبا أي له ما فيهما من الموجودات خلقا وملكا لا مدخل فيه لأحد أصلا فله الأمر كله «يغفر لمن يشاء» أن يغفر له مشيئة مبنية على الحكم والمصالح «ويعذب من يشاء» أن يعذبه بعمله مشيئة كذلك وإيثار كلمة من في الموضعين لاختصاص المغفرة والتعذيب بالعقلاء وتقديم المغفرة على التعذيب للإيذان بسبق رحمته تعالى غضبه وبأنها من مقتضيات الذات دونه فإنه من مقتضيات سيئات العصاة وهذا صريح في نفي وجوب التعذيب والتقييد بالتوبة وعدمها كالمنافي له «والله غفور رحيم» تذييل مقرر لمضمون قوله تعالى يغفر لمن يشاء مع زيادة وفي تخصيص التذييل به دون قرينة من الاعتناء بشأن المغفرة والرحمة ما لا يخفى «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا» كلام مبتدأ مشتمل على ما هو ملاك الأمر في كل باب لا سيما في باب الجهاد من التقوى والطاعة وما بعدهما من الأمور المذكورة على نهج الترغيب والترهيب جيء به في تضاعيف القصة مسارعة إلى إرشاد المخاطبين إلى ما فيه وإيذانا بكمال وجوب المحافظة عليه فيما هم فيه من الجهاد فإن الأمور المذكورة فيه مع كونها مناطا للفوز في الدارين على الإطلاق عمدة في أمر الجهاد عليها يدور فلك النصرة والغلبة كيف لا ولو حافظوا على الصبر والتقوى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لما لقوا ما لقوا ولعل إيراد النهي عن الربا في أثنائها لما ان الترغيب في الإنفاق في السراء والضراء الذي عمدته الإنفاق في سبيل الجهاد متضمن للترغيب في تحصيل المال فكان مظنة مبادرة الناس إلى طرق الاكتساب ومن جملتها الربا فنهوا عن ذلك والمراد بأكله أخذه وإنما عبر عنه بالأكل لما أنه معظم ما يقصد بالأخذ ولشيوعه في المأكولات مع ما فيه من زيادة تشنيع وقوله عز وجل «أضعافا مضاعفة» ليس لتقييد النهي به بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخا لهم بذلك إذ كان الرجل يربي إلى أجل فإذا حل قال للمدين زدني في المال حتى أزيدك في الأجل فيفعل وهكذا عند محل كل أجل فيستغرق بالشيء الطفيف ماله بالكلية ومحله النصب على الحالية من الربا وقرئ مضعفة «واتقوا الله» فيما نهيتم عنه من الأمور التي من جملتها الربا «لعلكم تفلحون» راجين للفلاح «واتقوا النار التي أعدت للكافرين»
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254