تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨٢
اثنين وقوله عز وجل إلا بشرى لكم استثناء من أعم المفاعيل أي وما جعله الله تعالى شيئا من الأشياء إلا بشارة لكم فاللام في قوله تعالى ولتطمئن متعلقة بمحذوف تقديره ولتطمئن قلوبكم به فعل ذلك «وما النصر» أي حقيقة النصر على الإطلاق فيندرج في حكمه النصر المعهود إندراجا أوليا «إلا من عند الله» أي إلا كائن من عنده تعالى من غير ان يكون فيه شركة من جهة الأسباب والعدد وإنما هي مظاهر له بطريق جريان سنته تعالى أو وما النصر المعهود إلا من عنده تعالى لا من عند الملائكة فإنهم بمعزل من التأثير وإنما قصارى أمرهم ما ذكر من البشارة وتقوية القلوب «العزيز» أي الذي لا يغالب في حكمه وأقضيته وإجراء هذا الوصف عليه تعالى للإشعار بعلة اختصاص النصر به تعالى كما أن وصفه بقوله «الحكيم» أي الذي يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة للإيذان بعلة جعل النصر بإنزال الملائكة فأن ذلك من مقتضيات الحكم البالغة «ليقطع» متعلق بقوله تعالى ولقد نصركم وما بينهما تحقيق لحقيقته وبيان لكيفية وقوعه والمقصور على التعليل بما ذكر من البشرى والاطمئنان إنما هو الإمداد بالملائكة على الوجه المذكور فلا يقدح ذلك في تعليل أصل النصر بالقطع وما عطف عليه أو بما تعلق به الخبر في قوله عز وعلا وما النصر إلا من عند الله على تقدير كونه عبارة عن النصر المعهود وقد أشير إلى أن المعلل بالبشارة والاطمئنان إنما هو الإمداد الصوري لا ما في ضمنه من النصر المعنوي الذي هو ملاك الأمر وأما تغلقه بنفس النصر كما قيل فمع ما فيه من الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي هو الخبر مخل بسداد المعنى كيف لا ومعناه قصر النصر المخصوص المعلل بعلل معينة على الحصول من جهته تعالى وليس المراد إلا قصر حقيقة النصر أو النصر المعهود على ذلك والمعنى لقد نصركم الله يومئذ أو وما النصر الظاهر عند إمداد الملائكة إلا ثابت من عند الله ليقطع أي يهلك وينقص «طرفا من الذين كفروا» أي طائفة منهم بقتل وأسر وقد وقع ذلك حيث قتل من رؤسائهم وصناديدهم سبعون وأسر سبعون «أو يكبتهم» أي يخزيهم ويغيطهم بالهزيمة فإن الكبت شدة غيظ أو وهن يقع في القلب من كبته بمعنى كبده إذا ضرب كبده بالغيظ والحرقة وقيل الكبت الإصابة بمكروه وقيل هو الصرع للوجه واليدين فالتاء حينئذ غير مبدلة وأو للتنويع «فينقلبوا خائبين» أي فينهزموا منقطعي الآمال غير فائزين من مبتغاهم بشئ كما في قوله تعالى «ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا» «ليس لك من الأمر شيء» اعتراض وسط بين المعطوف عليه المتعلق بالعاجل والمعطوف المتعلق بالآجل لتحقيق أن لا تأثير للمنثورين إثر بيان أن لا تأثير للناصرين وتخصيص النفي برسول صلى الله عليه وسلم على طريق تلوين الخطاب للدلالة على الانتفاء من غيره بالطريق الأولى وإنما خص الاعتراض بموقعه لأن ما قبله من القطع والكبت من مظان ان يكون فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولسائر مباشري القتال مدخل في الجملة «أو يتوب عليهم أو يعذبهم» عطف على يكبتهم
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254