تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨١
أنهم كانوا على خيل باق قال عروة بن الزبير كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم وقال هشام بن عروة عمائم صفر وقال قتادة والضحاك وكانوا قد أعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه تسوموا فإن الملائكة قد تسومت وقرئ مسومين على البناء للمفعول ومعناه معلمين من جهته سبحانه وقيل مرسلين من التسويم بمعنى الإسامة «وما جعله الله» كلام مبتدأ غير داخل في حيز القول مسوق من جنابه تعالى لبيان ان الأسباب الظاهرة بمعزل من التأثير وإن حقيقة النصر مختص به عز وجل ليثق به المؤمنون ولا يقنطوا منه عند فقدان أسبابه وأماراته معطوف على فعل مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام فإن الأخبار بوقوع النصر على الإطلاق وتذكير وقته وحكاية الوعد بوقوعه على وجه مخصوص هو الإمداد بالملائكة مرة بعد أخرى وتعيين وقته فيما مضى يقضي بوقوعه حينئذ قضاء قطعيا لكن لم يصرح به تعويلا على تعاضد الدلائل وتآخذ الإمارات والمخايل وإيذانا بكمال الغنى عنه بل احترازا عن شائبة التكرير أو عن إيهام احتمال الخلف في الوعد المحتوم كأنه قيل عقيب قوله تعالى «يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين» فأمدكم بهم «وما جعله الله» الخ والجعل متعد إلى واحد وهو الضمير العائد إلى مصدر ذلك الفعل المقدر وأما عودة إلى المصدر المذكور أعني قوله تعالى أن يمدكم أو إلى المصدر المدلول عليه بقوله تعالى يمددكم كما قيل فغير حقيق بجزالة التنزيل لأن الهيئة البسيطة متقدمة على المركبة فبيان العلة الغائبة لوجود الإمداد كما هو المراد بالنظم الكريم حقه ان يكون بعد بيان وجوده في نفسه ولا ريب في ان المصدر بن المذكورين غير معتبرين من حيث الوجود والوقوع كمصدر الفعل المقدر حتى يتصدى لبيان أحكام وجودهما بل الأول معتبر من حيث الكفاية والثاني من حيث الوعد على أن الأول هو الإمداد بثلاثة آلاف والواقع هو الإمداد بخمسة آلاف وقوله تعالى «إلا بشرى لكم» استثناء مفرغ من أعم العلل وتلوين الخطاب لتشريف المؤمنين وللإيذان بأنهم المحتاجون إلى البشارة وتسكين القلوب بتوفيق الأسباب الظاهرة وان رسول الله صلى الله عليه وسلم غني عنه بماله من التأييد الروحاني أي وما جعل إمدادكم بإنزال الملائكة عيانا لشيء من الأشياء إلا للبشرى لكم بأنكم تنصرون «ولتطمئن قلوبكم به» أي بالإمداد وتسكن إليه كما كانت السكينة لبني إسرائيل كذلك فكلاهما علة غائية للجعل وقد نصب الأول لاجتماع شرائطه من اتحاد الفاعل والزمان وكونه مصدرا مسوقا للتعليل وبقي الثاني على حاله لفقدانها وقيل للإشارة أيضا إلى أصالته في العلية وأهميته في نفسه كما في قوله تعالى «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة» وفي قصر الإمداد عليهما إشعار بأن الملائكة عليهم السلام لم يباشروا يومئذ القتال وانما كان إمدادهم بتقوية قلوب المباشرين بتكثير السواد ونحوه كما هو رأي بعض السلف رضي الله عنه وقيل الجعل متعد إلى
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254