تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
فأين صاحبنا وقال بعضهم الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا وقال من سمع منه عليه السلام إن الله يرفعني إلى السماء إنه رفع إلى السماء وقال قوم صلب الناسوت وصعد اللاهوت «لفي شك منه» لفي تردد والشك كما يطلق على ما لم يترجح أحد طرفيه يطلق على مطلق التردد وعلى ما يقابل العلم ولذلك أكد بقوله تعالى «ما لهم به من علم إلا اتباع الظن» استثناء منقطع أي لكنهم يتبعون الظن ويجوز أن يفسر الشك بالجهل والعلم بالاعتقاد الذي تسمن إليه النفس جزما كان أو غيره فالاستثناء حينئذ متصل «وما قتلوه يقينا» أي قتلا يقينا كما زعموا بقولهم إنا قتلنا المسيح وقيل معناه وما علموه يقينا كما في قوله من قال كذاك تخبر عنها العالمات بها وقد قتلت بعلمي ذلكم يقنا من قولهم قتلت الشيء علما ونحرته علما إذا تبالغ علمك فيه وفيه تهكم بهم لإشعاره بعلمهم في الجملة وقد نفي ذلك عنهم بالكلية «بل رفعه الله إليه» رد وإنكار لقتله وإثبات الرفعة «وكان الله عزيزا» لا يغالب فيما يريده «حكيما» في جميع أفعاله فيدخل فيها تدبيراته تعالى في أمر عيسى عليه السلام دخولا أوليا «وإن من أهل الكتاب» أي من اليهود والنصارى وقوله تعالى «إلا ليؤمنن به قبل موته» جملة قسمية وقعت صفة لموصوف محذوف إليه يرجع الضمير الثاني والأول لعيسى عليه السلام أي وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى عليه السلام قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ولات حين إيمان لانقطاع وقت التكليف ويعضده بأنه قرئ ليؤمنن قبل موتهم بضم النون لما أن أحدا في معنى الجمع وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه فسره كذلك فقال له عكرمة فإن أتاه رجل فضرب عنقه قال لا تخرج نفسه حتى يحرك بها شفتيه قال فإن خر من فوق بيت أو احترق أو أكله سبع قال يتكلم بها في الهواء ولا تخرج روحه حتى يؤمن به وعن شهر بن حوشب قال لي الحجاج آية ما قرأتها إلا تخالج في نفسي شيء منها يعني هذه الآية وقال إني أوتى بالأسير من اليهود والنصارى فأضرب عنقه فلا أسمع منه ذلك فقلت إن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة دبره ووجهه وقالوا يا عدو الله أتاك عيسى عليه السلام نبيا فكذبت به فيقول آمنت أنه عبد نبي وتقول للنصراني أتاك عيسى عليه السلام نبيا فزعمت أنه الله وابن الله فيؤمن أنه عبد الله ورسوله حيث لا ينفعه إيمانه قال وكان متكئا فاستولا جالسا فنظر إلي وقال ممن سمعت هذا قلت حدثني محمد بن علي بن الحنفية فأخذ ينكث الأرض بقضيبه ثم قال لقد أخذتها من عين صافية والإخبار بحالهم هذه وعيد لهم وتحريض على المسارعة إلى الإيمان به قبل أن يضطروا إليه مع انتفاء جدواه وقيل كلا الضميرين لعيسى والمعنى وما من أهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى عليه السلام أحد إلا ليؤمنن به قبل موته روي أنه عليه السلام ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا يؤمن به حتى تكون الملة واحدة وهي ملة الإسلام ويهلك الله في زمانه الدجال وتقع الأمنة
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254