تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
بأنه بين بنفسه مستغن في ثبوت حقيته وكونه من عند الله تعالى بإعجازه غير محتاج إلى غيره مبين لغيره من الأمور المذكورة وإشعارا بهدايته للخلق وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وقد سلك به مسلك العطف المبني على تغاير الطرفين تنزيلا للمغايرة العنوانية منزلة المغايرة الذاتية وعبر عن ملابسته للمخاطبين تارة بالمجيء المسند إليه المنبىء عن كمال قوته في البرهانية كأنه يجيء بنفسه فيثبت أحكامه من غير أن يجيء به أحد على شبه الكفرة بالإبطال وأخرى بالإنزال الموقع عليه الملائم لحيثية كونه نورا توقيرا له باعتبار كل واحد من عنوانيه حظه اللائق به وإسناد إنزاله إليه تعالى بطريق الالتفات لكمال تشريفه هذا على تقدير كون البرهان عبارة عن القرآن العظيم وأما على تقدير كونه عبارة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن المعجزات الظاهرة على يده أو عن الدين الحق فالأمر هين وقوله تعالى إليكم متعلق بأنزلنا فإن إنزاله بالذات وإن كان إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنه منزل إليهم أيضا بواسطته عليه الصلاة والسلام وإنما اعتبر حاله لإظهار كمال اللطف بهم والتصريح بوصوله إليهم مبالغا في الأعذار وتقديمه على المفعول الصريح مع أن حقه التأخر عنه لما مر غير مرة من الاهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر وللمحافظة على فواصل الآي الكريمة «فأما الذين آمنوا بالله» حسبما يوجبه البرهان الذي أتاهم «واعتصموا به» أي عصموا به أنفسهم مما يرديها من زيغ الشيطان وغيره «فسيدخلهم في رحمة منه وفضل» قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هي الجنة وما يتفضل عليهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وعبر عن إفاضة الفضل بالإدخال على طريقة قوله علفتها تبنا وماء باردا وتنوين رحمة وفضل تفخيمي ومنه متعلق بمحذوف وقع صفة مشرفة لرحمة «ويهديهم إليه» أي إلى الله عز وجل وقيل إلى الموعود وقيل إلى عبادته «صراطا مستقيما» هو الإسلام والطاعة في الدنيا وطريق الجنة في الآخرة وتقديم ذكر الوعد بإدخال الجنة على الوعد بالهداية إليها على خلاف الترتيب في الوجود بين الموعودين للمسارعة إلى التبشير بما هو المقصد الأصلي قبل انتصاب صراطا على أنه مفعول لفعل محذوف ينبئ عنه يهديهم أي يعرفهم صراطا مستقيما «يستفتونك» أي في الكلالة استغنى عن ذكره بوروده في قوله تعالى «قل الله يفتيكم في الكلالة» وقد مر تفسيرها في مطلع السورة الكريمة والمستفتي جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه يروى
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254