تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٣٨
والمجرور وإيثار صيغة المضارع للإيذان باستمرار التلاوة ودوامها في الكتاب إما متعلق بيتلى أو بمحذوف وقع حالا من المستكن فيه أي يتلى كائنا فيه ويجوز ان يكون ما يتلى عليكم مبتدأ وفي الكتاب خبره على أن المراد به اللوح المحفوظ والجملة معترضة مسوقة لبيان عظم شأن المتلو عليهم وأن العدل في الحقوق المبينة فيه من عظائم الأمور التي تجب مراعاتها والمحافظة عليها فما يتلى حينئذ متناول لما تلى وما سيتلى ويجوز أن يكون مجرورا على القسم المنبئ عن تعظيم المقسم به وتفخيمه كأنه قيل قل الله يفتيكم فيهن وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب فالمراد بقوله تعالى يفتيكم بيانه السابق واللاحق ولا مساغ لعطفه على المجرور من فيهن لاختلاله لفظا ومعنى وقوله تعالى «في يتامى النساء» على الوجه الأول وهو الأظهر متعلق بيتلى أي ما يتلى عليكم في شأنهن وعلى الأخيرين بدل من فيهن وهذه الإضافة بمعنى من لأنها إضافة الشئ إلى جنسه وقرئ ييامى على قلب همزة أيامى ياء «اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن» أي ما فرض لهن من الميراث وغيره «وترغبون» عطف على الصلة عطف جملة مثبتة على جملة منفية وقيل حال من فاعل تؤتونهن بتأويل وأنتم ترغبون ولا ريب في أنه لا يظهر لتقييد عدم الإيتاء بذلك فائدة إلا إذا أريد بما كتب لهن صداقهن «أن تنكحوهن» أي في ان تنكحوهن لا لأجل التمتع بهن بل لأكل ما لهن أوفي أن تنكحوهن بغير إكمال الصداق وذلك ما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها من أنها اليتيمة تكون في حجر وليها هو وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد ان ينكحها بأدنى من سنة نسائها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق أو عن أن تنكحوهن وذلك ما روى عنها رضى الله عنها انها يتيمة يرغب وليها عن نكاحها ولا ينكحها فيعضلها طمعا في ميراثها وفي رواية عنها رضى الله عنه هو الرجل يكون عنده يتيمة ووارثها وشريكها في المال حتى في العذق فيرغب ان ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فالمراد بما كتب لهن على الوجه الأول والأخير ميراثهن وبما يتلى في حقهن قوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم وقوله تعالى ولا تأكلوها ونحوهما من النصوص الدالة على عدم التعرض لأموالهم وعلى الوجه الثاني صداقهن وبما يتلى فيهن قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى الآية «والمستضعفين من الولدان» عطف على يتامى النساء وما يتلى في حقهم قوله تعالى يوصيكم الله الخ وقد كانوا في الجاهلية لا يورثونهم كما لا يورثون النساء وإنما يورثون الرجال القوام بالأمور روى أن عيينة بن حصن الفزاري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرنا بأنك تعطي الابنة النصف والأخت النصف وإنما كنا نورث من يشهد القتال ويحوز الغنيمة فقال صلى الله عليه وسلم كذلك أمرت «وأن تقوموا لليتامى بالقسط» بالجر عطف على ما قبله وما يتلى في حقهم قوله تعالى ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ونحو ذلك مما لا يكاد يحصر هذا على تقدير كون في يتامى النساء متعلقا بيتلى وأما على تقدير كونه بدلا من فيهن فالوجه نصبه عطفا على موضع فيهن أي يفتيكم أن تقوموا ويجوز نصبه بإضمار فعل أي ويأمركم وهو خطاب للولاة أو للأولياء والأوصياء «وما تفعلوا» في حقوق المذكورين «من خير» حسبما أمرتم به أو ما تفعلوه من خير على الإطلاق فيندرج فيه ما يتعلق بهم اندراجا أوليا «فإن الله كان به عليما» فيجازيكم بحسبه
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254