تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٣٦
«ومن يعمل من الصالحات» أي بعضها أو شيئا منها فإن كل أحد لا يتمكن من كلها وليس مكلفا بها «من ذكر أو أنثى» في موضع الحال من المستكن في يعمل ومن للبيان أو من الصالحات فمن للابتداء أي كائنة من ذكر الخ «وهو مؤمن» حال شرط اقتران العمل بها في استدعاء الثواب المذكور تنبيها على أنه لا اعتداد به دونه «فأولئك» إشارة إلى من بعنوان اتصافه بالايمان والعمل الصالح والجمع باعتبار معناها كما أن الافراد فيما سبق باعتبار لفظها وما فيه من معنى البعد لما مر غير مرة من الاشعار بعلو رتبة المشار اليه وبعد منزلته في الشرف «يدخلون الجنة» وقرئ يدخلون مبنيا للمفعول من الادخال «ولا يظلمون نقيرا» لا ينقصون شيئا حقيرا من ثواب اعمالهم فإن النقير علم في القلة والحقارة وإذا لم ينقص ثواب المطيع فلأن لا يزاد عقاب العاصي أولى وأحرى كيف لا والمجازي أرحم الراحمين وهو السر في الاقتصار على ذكره عقيب الثواب «ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله» أي أخلص نفسه له تعالى لا يعرف له ربا سواه وقيل بذل وجهه له في السجود وقيل أخلص عمله له عز وجل وقيل فوض أمره اليه تعالى وهذا انكار واستبعاد لأن يكون أحد أحسن دينا ممن فعل ذلك أو مساويا له وان لم يكن سبك التركيب متعرضا لإنكار المساواة ونفيها يرشدك اليه العرف المطرد والاستعمال الفاشي فإنه إذا قيل من أكرم من فلان أولا أفضل من فلان فالمراد به حتما أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل وعليه مساق قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى ونظائره ودينا نصب على التمييز من أحسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن دينه أحسن من دين من أسلم الخ فالتفضيل في الحقيقة جار بين الدينين لا بين صاحبيهما ففيه تنبيه على أن ذلك أقصى ما تنتهى اليه القوة البشرية «وهو محسن» أي آت بالحسنات تارك للسيئات أو آت بالأعمال الصالحة على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره صلى الله عليه وسلم بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والجملة حال من فاعل اسلم «واتبع ملة إبراهيم» الموافقة لدين الاسلام المتفق عل صحتها وقبولها «حنيفا» مائلا عن الأديان الزائغة وهو حال من فاعل اتبع أو من إبراهيم «واتخذ الله إبراهيم خليلا» اصطفاه وخصه بكرامات تشبه كرامات الخليل عند خليله واظهاره صلى الله عليه وسلم في مواقع الاضمار لتفخيم شأنه والتنصيص على أنه الممدوح وتأكيد استقلال الجملة الاعتراضية والخلة من الخلال فإنه ود تخلل النفس وخالطها وقيل من الخلل فإن كل واحد من الخليلين يسد خلل الآخر أو من الخل وهو الطريق في الرمل فإنهما يتوافقان في الطريقة أو من الخلة
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254