تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
لبيان أن أحساسهم بالعذاب في كل مرة كإحساس الذائق بالمذوق من حيث إنه لا يدخله نقصان لدوام الملابسة أو للإشعار بمرارة العذاب مع إيلامه أو للتنبيه على شدة تأثيره من حيث إن القوة الذائقة أشد الحواس تأثيرا أو على سرايته للباطن ولعل السر في تبديل الجلود مع قدرته تعالى على إبقاء إدراك العذاب وذوقه بحاله مع الاحتراق ومع إبقاء أبدانهم على حالها مصونة عن الاحتراق أن النفس ربما تتوهم زوال الإدراك بالاحتراق ولا تستبعد كل الاستبعاد أن تكون مصونه عن التألم والعذاب بصيانة بدنها عن الاحتراق «إن الله كان عزيزا» لا يمتنع عليه ما يريده ولا يمانعه أحد «حكيما» يعاقب من يعاقبه على وفق حكمته والجملة تعليل لما قبلها من الإصلاء والتبديل وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتهويل الأمر وتربية المهابة وتعليل الحكم فإن عنوان الألوهية مناط لجميع صفات كماله تعالى «والذين آمنوا وعملوا الصالحات» عقب بيان سوء حال الكفرة بيان ببيان حسن حال المؤمنين تكميلا لمساءة الأولين ومسرة الآخرين أي الذين أمنوا بآياتنا وعملوا بمقتضياتها وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار» وقرئ سيدخلهم بالياء ردا على الاسم الجليل وفي السين تأكيد للوعد «خالدين فيها أبدا» حال مقدرة من الضمير المنصوب في سندخلهم وقوله عز وعلا «لهم فيها أزواج مطهرة» أي مما في نساء الدنيا من الأحوال المستقذرة البدنية والأدناس الطبيعية في محل النصب على أنه حال من جنات أو حال ثانية من الضمير المنصوب أو على انه صفة لجنات بعد صفة أو في محل الرفع على أنه خبر للموصول بعد خبر «وندخلهم ظلا ظليلا» أي فينانا لا جوب فيه دائما لا تنسخه شمس اللهم ارزقنا ذلك بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين والظليل صفة مشتقة من لفظ الظل للتأكيد كما في ليل أليل ويوم أيوم وقرئ يدخلهم بالياء وهو عطف على سيدخلهم لا على أنه غير الإدخال الأول بالذات بل بالعنوان كما في قوله تعالى «ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ» «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» في تصدير الكلام بكلمه التحقيق وإظهار الاسم الجليل وإيراد الأمر على صورة الإخبار من الفخامة وتأكيد وجوب الامتثال به والدلالة على الاعتناء بشأنه ما لا مزيد عليه وهو خطاب يعم حكمه المكلفين قاطبة كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بذمهم من حقوق الله تعالى وحقوق العباد سواء كانت فعلية أو قولية أو اعتقادية وإن ورد في شأن عثمان بن طلحة ابن عبد الدار سادن الكعبة المعظمة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان رضى الله عنه باب الكعبة وصعد السطح وأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال لو علمت أنه رسول الله لم
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254