تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
كانوا أصحاب أموال وبساتين وقصور مشيدة كالملوك فلا يؤتون الناس مع ذلك نقيرا كما تقول لغنى لا يراعى أباه ألك هذا القدر من المال فلا تنفق على أبيك شيئا وفائدة إذن تأكيد الإنكار والتوبيخ حيث يجعلون ثبوت النصيب سببا للمنع مع كونه سببا للإعطاء وهى ملغاة عن العمل كأنه قيل فلا يؤتون الناس إذن وقرئ فإذن لا يؤتون بالنصيب على إعمالها «أم يحسدون الناس» منقطعة أيضا مفيدة للانتقال من توبيخهم بما سبق إلى توبيخهم بالحسد الذي هو شر الرذائل وأقبحها لا سيما على ما هم بمعزل من استحقاقه واللام في الناس للعهد والإشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وحمله على الجنس إيذانا بحيازتهم الكمالات البشرية قاطبة فكأنهم هم الناس لا غيره لا يلائمه ذكر حديث آل إبراهيم فإن ذلك لتذكير ما بين الفريقين من العلامة الموجبة لاشتراكهما في استحقاق الفضل والهزة لإنكار الواقع واستقباحه فأنهم كانوا يطمعون أن يكون النبي الموعود منهم فلما خص الله تعالى بتلك الكرامة غيرهم حسدوهم أي بل أيحسدونهم «على ما آتاهم الله من فضله» يعنى النبوة والكتاب وازدياد العز والنصر يوما فيوما وقوله تعالى تعالى «فقد آتينا» تعليل للإنكار والاستقباح وإلزام لهم بما هو مسلم عندهم وحسم لمادة حسدهم واستبعادهم المبنيين على توهم عدم استحقاق المحسود لما أوتى من الفضل ببيان استحقاقه له بطريق الوراثة كابرا عن كابر وإجراء الكلام على سنن الكبرياء بطريق الالتفات لإظهار كمال العناية بالأمر والمعنى أن حسدهم المذكور في غاية القبح والبطلان فإنا قد آتينا من قبل هذا «آل إبراهيم» الذين هم أسلاف محمد صلى الله عليه وسلم أو أبناء أعمامه «الكتاب والحكمة» أي النبوة «وآتيناهم» مع ذلك «ملكا عظيما» لا يقادر قدره فكيف يستبعدون نوبته صلى الله عليه وسلم ويحسدونه على إيتائها وتكرير الإيتاء لما يقتضيه مقام التفضيل مع الإشعار بما بين النبوة والملك من المغايرة فإن أريد به الإيتاء بالذات فالمراد بآل إبراهيم أنبياؤهم خاصة والضمير المنصوب في الفعل الثاني لبعضهم إما بحذف المضاف أو بطريق الاستخدام لما أن الملك لم يؤت كلهم قال ابن عباس رضى الله عنهما الملك في آل إبراهيم ملك يوسف وداود وسليمان عليهم السلام وإن أريد به ما يعمه وغيره من الإيتاء بالواسطة وهو اللائق بالمقام والأوفق لما قبله من نسبة إيتاء الفضل إلى الناس فالمراد بآل إبراهيم كلهم فإن تشريف البعض بما ذكر من إيتاء النبوة والملك تشريف للكل لاعتنائهم بآثاره واقتباسهم من أنواره وفي تفصيل ما أوتوه وتكرير الفعل ووصف الملك بالعظم وتنكيره التفخيمى منن تأكيد الإلزام وتشديد الإنكار مالا يخفى هذا هو المتبادر من النظم الكريم وإليه جنح جمهور أئمة التفسير لكن الظاهر حينئذ أن يكون قوله تعالى «فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه» حكاية لما صدر عن أسلافهم عقيب وقع المحكى من غير ان يكون له دخل في الإلزام الذي سيق له الكلام أي فمن جنس
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254