الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٨٤
وما رب العالمين قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال إن كنت جئت بآية فائت بها ان كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين والثعبان الذكر من الحيات فاتحة فمها لحييها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح يا موسى خذها وأنا أو من بك وأرسل معك بني إسرائيل فاخذها موسى فصارت عصا فقالت السحرة في نجواهم ان هذين لساحران يريدان ان يخرجاكم من أرضكم بسحرهما فالتقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى أرأيت ان غلبتك غدا أتؤمن بي وتشهد ان ما جئت به حق قال الساحر لآتين غدا بسحر لا يغلبه شئ فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن انك حق وفرعون ينظر إليهما * وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله وقيل للناس هل أنتم مجتمعون قال كانوا بالإسكندرية قال ويقال بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ قال وهزموا وسلم فرعون وهمت به فقال خذها يا موسى وكان مما بلى الناس به منه انه كان لا يضع على الأرض شيئا فأحدث يومئذ تحته وكان ارساله الحية في القبة الخضراء * وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون قال فوجدوا الله أعز منه * وأخرج ابن أبي حاتم عن بشر بن منصور قال بلغني انه لما تكلم ببعض هذا وقالوا بعزة فرعون قالت الملائكة قصمه ورب الكعبة فقال الله تالون على قد أمهلته أربعين عاما * وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله لا ضير قال يقولون لا يضرنا الذي تقول وان صنعت بنا وصلبتنا انا إلى ربنا منقلبون يقول انا إلى ربنا راجعون وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك إيانا وثباتنا على توحيده والبراءة من الكفر به وفي قوله ان كنا أول المؤمنين قال كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رآها * قوله تعالى (وأوحينا إلى موسى ان أسر بعبادي) الآيات * أخرج ابن أبى حاتم عن السدى رضي الله عنه قال ثم إن الله أمر موسى ان يخرج ببني إسرائيل فقال أسر بعبادي ليلا فامر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا وأمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط وأمر ان لا ينادى أحد منهم صاحبه وان يسرجوا في بيوتهم حتى الصبح وان من خرج منهم امام بابه يكب من دم حتى يعلم أنه قد خرج وان الله قد أخرج كل ولد زنا في القبط من بني إسرائيل إلى بني إسرائيل وأخرج كل ولد زنا في بني إسرائيل من القبط إلى القبط حتى أتوا آباءهم ثم خرج موسى ببني إسرائيل ليلا والقبط لا يعلمون وألقى على القبط الموت فمات كل بكر رجل منهم فأصبحوا يدفنونهم فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس وخرج موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا لا يعدون ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره وانما عدوا ما بين ذلك سوى الذرية وتبعهم فرعون على مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها ماذيانة وذلك حين يقول الله فأرسل فرعون في المدائن حاشرين ان هؤلاء لشرذمة قليلون فكان موسى على ساقة بني إسرائيل وكان هارون امامهم يقدمهم فقال المؤمن لموسى آين أمرت قال البحر فأراد أن يقتحم فمنعه موسى فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردفهم قالوا يا موسى انا لمدركون قال موسى كلا ان معي ربى سيهدين يقول سيكفين فتقدم هارون فضرب البحر فأبى البحر أن ينفتح وقال من هذا الجبار الذي يضربني حتى أتاه موسى فكناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكانت الطرق إذا انفلقت بجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى صلى الله عليه وسلم دعا الله فجعلها لهم قناطر كهيئة الطبقات ينظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا ثم دنا فرعون وأصحابه فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا قال ألا ترون إلى البحر منفلقا قد فرق منى فانفتح لي حتى أدرك أعدائي فاقتلهم فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله ان تقتحتم فنزل على ماذيانة فشامت الحصن ريح الماذيانة فاقتحمت في أثرها حتى إذا هم أولهم ان يخرج ودخل آخرهم أمر الله البحر أن يأخذهم فالتطم عليهم وتفرد جبريل بفرعون يمقله من مقل البحر فجعل يدسها في فيه * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ان هؤلاء لشرذمة قليلون قال ذكر لنا أن بني إسرائيل الذين قطع بهم موسى البحر كانوا ستمائة ألف مقاتل وعشرين ألفا فصاعدا واتبعهم فرعون على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان * وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله ان هؤلاء لشرذمة قليلون
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست