الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٢
رجلا من الأنصار هو الذي قال هذا فمات ابن عم له فورث منه مالا فيخل به ولم يف لله بما عاهد عليه فأعقبه بذلك نفاقا إلى أن يلقاه قال ذلك بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون * وأخرج أبو الشيخ عن أبي قلابة قال مثل أصحاب الأهواء مثل المنافقين كلامهم شتى وجماع أمرهم النفاق ثم تلا ومنهم من عاهد الله ومنهم من يلمزك ومنهم الذين يؤذون النبي * وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله بما أخلفوا الله ما وعدوه ربما كانوا يكذبون قال اجتنبوا الكذب فإنه باب من النفاق وعليكم بالصدقة فإنه باب من الايمان وذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث ان موسى عليه الصلاة والسلام لما جاء بالتوراة لبني إسرائيل قالت بنو إسرائيل ان التوراة كثيرة وانا لا نفرغ لها فسل لنا جماعا من لأمر نحافظ عليه ونتفرغ لمعايشنا قال مهلا مهلا أي قوم هذا كتاب الله وبيان الله ونور الله وعصمة الله فردوا عليه مثل مقالتهم فعل ذلك ثلاث مرات فقال الرب تبارك وتعالى فإني آمرهم بثلاث ان هم حافظوا عليهن دخلوا الجنة بهن ان يتناهوا إلى قسمة مواريثهم ولا يتظلموا فيها وان لا يدخلوا أبصارهم البيوت حتى يؤذن لهم وان لا يطعموا طعاما حتى يتوضؤا كوضوء الصلاة فرجع موسى عليه السلام إلى قومه بهن ففرحوا ورأوا ان سيقومون بهن فوالله ان لبث القوم الا قليلا حتى جنحوا فانقطع بهم فلما حدث نبي الله صلى الله عليه وسلم هذا عن بني إسرائيل قال تكفلوا لي بست أتكفل لكم بالجنة إذا حدثتم فلا تكذبوا وإذا وعدتم فلا تخلفوا وإذا ائتمنتم فلا تخونوا وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم وفروجكم قال قتادة سداد والله الامن عصم الله * قوله تعالى (الذين يلمزون المطوعين) الآية * أخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن ابن مسعود قال لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشئ كثير فقالوا مراء وجاء أبو عقيل بنصف صاع فقال المنافقون ان الله لغنى عن صدقة هذا فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون الا جهدهم الآية * وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا فإني أريد أن ابعث بعثا فجاء عبد الرحمن فقال يا رسول الله عندي أربعة آلاف ألفين أقرضهما ربى وألفين لعيالي فقال بارك الله لك فيما أعطيت وبارك لك فيما أمسكت وجاء رجل من الأنصار فقال يا رسول الله انى بت أجر الحرير فأصبت صاعين من تمر فصاعا أقرضه ربى وصاعا لعيالي فلمزه المنافقون قالوا والله ما أعطى ابن عوف الذي أعطى الا رياء وقالوا أو لم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا فأنزل الله الذين يلمزون المطوعين الآية * وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فجاء عبد الرحمن بن عوف بصدقته وجاء المطوعون من المؤمنين وجاء أبو عقيل بصاع فقال يا رسول الله بت أجر الحرير فأصبت صاعين من تمر فجئتك بأحدهما وتركت الآخر لأهلي قوتهم فقال المنافقون ما جاء عبد الرحمن وأولئك الا رياء وان الله لغنى عن صدقة أبى عقيل فأنزل الله الذين يلمزون المطوعين الآية * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والبغوي في معجمه والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أبي عقيل قال بت أجر الحرير على ظهري على صاعين من تمر فانقلبت بأحدهما إلى أهلي يتبلغون به وجئت بالآخر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتقرب به إلى ربى فأخبرته بالذي كان فقال انثره في المسجد فسخر القوم وقالوا لقد كان الله غنيا عن صاع هذا المسكين فأنزل الله الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين الآيتين * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله الذين يلمزون المطوعين الآية قال جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء رجل من الأنصار بصاع من طعام فقال بعض المنافقين والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به الا رياء وقالوا ان كان الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع * وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال الذي تصدق بصاع التمر فلمزه المنافقون أبو خيثمة الأنصاري * وأخرج البغوي في معجمه وابن قانع وابن مردويه عن سعيد بن عثمان البلوى عن جدته ليلى بنت عدى ان أمها عميرة بنت سهل بن رافع صاحب الصاعين الذي لمزه المنافقون أخبرتها انه خرج بصاع من تمر وابنته عميرة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر فصبه * وأخرج عبد الرزاق وابن عساكر عن قتادة في قوله الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست