الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦١
مالا لأعطين كل ذي حق حقه قال ويحك يا ثعلبة قليل تطيق شكره خير من كثير لا تطيق شكره فقال يا رسول الله ادع الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزقه مالا فاتجر واشترى غنما فبورك له فيها ونمت كما ينمو الدود حتى ضاقت به المدينة فتنحى بها فكان يشهد الصلاة بالنهار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشهدها بالليل ثم نمت كما ينمو الدود فتنحى بها فكان لا يشهد الصلاة بالنهار ولا بالليل الا من جمعة إلى جمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نمت كما ينمو الدود فضاق به مكانه فتنحى به فكان لا يشهد جمعة ولا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يتلقى الركبان ويسألهم عن الاخبار وفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عنه فأخبروه انه اشترى غنما وان المدينة ضاقت به وأخبروه بخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويح ثعلبة بن حاطب تم ان الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يأخذ الصدقات وأنزل الله تعالى خذ من أموالهم صدقة الآية فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين رجلا من جهينة ورجلا من بنى سلمة يأخذان الصدقات فكتب لهما أسنان الإبل والغنم كيف يأخذانها على وجهها وأمرهما ان يمرا على ثعلبة بن حاطب وبرجل من بنى سليم فخرجا فمرا بثعلبة فسألاه الصدقة فقال أرياني كتابكما فنظر فيه فقال ما هذ الا جزية انطلقا حتى تفرغا ثم مرا بي قال فانطلقا وسمع بهما السليمي فاستقبلهما بخيار إبله فقالا انما عليك دون هذا فقال ما كنت أتقرب إلى الله الا بخبر مالي فقبلاه فلما فرغا مرا بثعلبة فقال أرياني كتابكما فنظر فيه فقال ما هذا الا جزية انطلقا حتى أرى رأيي فانطلقا حتى قدما المدينة فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل ان يكلمهما ويح ثعلبة بن حاطب ودعا للسليمي بالبركة وأنزل الله ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن الثلاث آيات قال فسمع بعض من أقارب ثعلبة فأتى ثعلبة فقال ويحك يا ثعلبة أنزل الله فيك كذا وكذا قال فقدم ثعلبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذه صدقة مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قد منعني ان أقبل منك قال فجعل يبكى ويحثي التراب على رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عملك بنفسك أمرتك فلم تطعني فلم يقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى ثم أتى أبا بكر فقال يا أبا بكر اقبل منى صدقتي فقد عرفت منزلتي من الأنصار فقال أبو بكر لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلها فلم يقبلها أبو بكر ثم ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتاه فقال يا أبا حفص يا أمير المؤمنين اقبل منى صدقتي وتوسل إليه بالمهاجرين والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر أقبلها أنا فأبى ان يقبلها ثم ولى عثمان فهلك في خلافة عثمان وفيه نزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات قال وذلك في الصدقة * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين وذلك أن رجلا كان يقال له ثعلبة من الأنصار أتى مجلسا فأشهدهم فقال لئن آتاني الله من فضله آتيت كل ذي حق حقه وتصدقت منه وجعلت منه للقرابة فابتلاه الله فاتاه من فضله فاخلف ما وعده فاغضب الله بما أخلفه ما وعده نقص الله شانه في القرآن * وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال اعتبروا المنافق بثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وذلك بان الله تعالى يقول ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن إلى آخر الآية * وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر قال ثلاث من كن فيه فهو منافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وتلا هذه الآية ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله إلى آخر الآية * وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان * وأخرج أبو الشيخ والخرائطي في مكارم الأخلاق عن محمد بن كعب القرظي قال سمعت بالثلاث التي تذكر في المنافق إذا ائتمن خان وإذا وعد أخلف وإذا حدث كذب فالتمستها في الكتاب زمانا طويلا حتى سقطت عليها بعد حين وجدنا الله تعالى يذكر فيه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله إلى قوله وبما كانوا يكذبون وانا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض إلى آخر الآية وإذا جاءك المنافقون إلى قوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون * وأخرج أبو الشيخ عن الحسن ان
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست