التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
والدليل على أنها في الكفار ما ذكر بعدها إلى قوله قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين * (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) * يعني اتبعوا القرآن وليس المعنى أن بعض القرآن أحسن من بعض لأنه حسن كله إنما المعنى أن يتبعوا بأعمالهم ما فيه من الأوامر ويجتنبوا ما فيه من النواهي فالتفضيل الذي يقتضيه أحسن إنما هو في الاتباع وقيل يعني اتبعوا الناسخ دون المنسوخ وهذا بعيد * (أن تقول نفس) * في موضع مفعول من أجله تقديره كراهة أن تقول نفس وإنما ذكر النفس لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكفار * (في جنب الله) * أي في حق الله وقيل في أمر الله وأصله من الجنب بمعنى الجانب ثم استعير لهذا المعنى * (الساخرين) * أي المستهزئين * (بلي) * جواب للنفس التي حكى كلامها ولا يجاوب ببلى إلا النفي وهي هنا جواب لقوله لو أن الله هداني لكنت من المتقين لأنه في معنى النفي لأن لو حرف امتناع وتقرير الجواب بل قد جاءك الهدى من الله بإرساله الرسل وإنزاله الكتب وقال ابن عطية هي جواب لقوله لو أن لي كرة فإن معناه يقتضي أن العمر يتسع للنظر فقيل له بلى على وجه الرد عليه والأول أليق بسياق الكلام لأن قوله قد جاءتك آياتي تفسير لما تضمنته بلى * (وجوههم مسودة) * يحتمل أن يريد سواد اللون حقيقة أو يكون عبارة عن شدة الكرب * (بمفازتهم) * أصله من الفوز والتقدير بسبب فوزهم وقيل معناه بفضائلهم " وهو على كل شيء وكيل " أي قائم بتدبير كل شيء * (مقاليد) * مفاتيح وقيل خزائن واحدها مقليد وقيل إقليد وقيل لا واحد لها من لفظها وأصلها كلمة فارسية وقال عثمان بن عفان سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقاليد السماوات والأرض فقال هي لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير فإن صح هذا الحديث فمعناه أن من قال هذه الكلمات صادقا مخلصا نال الخيرات والبركات من السماوات والأرض لأن هذه الكلمات توصل إلى ذلك فكأنها مفاتيح له * (والذين كفروا) * الآية قال الزمخشري إنها متصلة بقوله وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم وما بينهما من الكلام اعتراض * (أفغير الله) * منصوب بأعبد * (تأمروني) * حذفت إحدى النونين
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 » »»