التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٤
يوقف على العذاب والأول أرجح لعدم الإضمار * (فسلكه ينابيع في الأرض) * معنى سلكه أدخله وأجراه والينابيع جمع ينبوع وهو العين وفي هذا دليل على أن ماء العيون من المطر * (مختلفا ألوانه) * أي أصنافه كالقمح والأرز والفول وغير ذلك وقيل ألوانه الخضرة والحمرة وشبه ذلك وفي الوجهين دليل على الفاعل المختار ورد على أهل الطبائع * (أفمن شرح الله صدره للإسلام) * تقديره أفمن شرح الله صدره كالقاسي قلبه وروي أن الذي شرح الله صدره للإسلام علي بن أبي طالب وحمزة والمراد بالقاسية قلوبهم أبو لهب وأولاده واللفظ أعم من ذلك * (من ذكر الله) * قال الزمخشري من هنا سببية أي قلوبهم قاسية من أجل ذكر الله وهذا المعنى بعيد ويحتمل عندي أن يكون قاسية تضمن معنى خالية فلذلك تعدى بمن والمعنى أن قلوبهم خالية من ذكر الله * (الله نزل أحسن الحديث) * يعني القرآن * (كتابا) * بدل من أحسن أو حال منه * (متشابها) * معناه هنا أنه يشبه بعضه بعضا في الفصاحة والنطق بالحق وأنه ليس فيه تناقض ولا اختلاف * (مثاني) * جمع مثان أي تثنى فيه القصص وتكرر ويحتمل أن يكون مشتقا من الثناء لأنه يثنى فيه على الله فإن قيل مثاني جمع فكيف وصف به المفرد فالجواب أن القرآن ينقسم فيه إلى سور وآيات كثيرة فهو جمع بهذا الاعتبار ويجوز أن يكون كقولهم برمة أعشار وثوب أخلاق أو يكون تمييزا من متشابها كقولك حسن شمائل * (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) * إن قيل كيف تعدى تلين بإلى فالجواب أنه تضمن معنى فعل تعدى بإلى كأنه قال تميل أو تسكن أو تطمئن قلوبهم إلى ذكر الله فإن قيل لم ذكرت الجلود أولا وحدها ثم ذكرت القلوب بعد ذلك معها فالجواب أنه لما قال أولا تقشعر ذكر الجلود وحدها لأن القشعريرة من وصف الجلود لا من وصف غيرها ولما قال ثانيا تلين ذكر الجلود والقلوب لأن اللين توصف به الجلود والقلوب أما لين القلوب فهو ضد قسوتها وأما لين الجلود فهو ضد قشعريرتها فاقشعرت أولا من الخوف ثم لانت بالرجاء * (ذلك هدى الله) * يحتمل أن تكون الإشارة إلى القرآن أو إلى الخشية واقشعرار الجلود * (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب) * الخبر محذوف كما تقدم في نظائره تقديره أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن هو آمن من العذاب ومعنى يتقي يلقى النار بوجهه ليكفها عن نفسه وذلك أن الإنسان إذا لقي شيئا من المخاوف استقبله بيديه وأيدي هؤلاء مغلولة فاتقوا النار بوجوههم * (ذوقوا ما كنتم تكسبون) * أي ذوقوا جزاء ما كنتم تكسبون من الكفر والعصيان * (قرآنا عربيا) * نصب على الحال أو بفعل مضمر على المدح
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»