تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٢
" يمدونهم " ويجوز أن يكون متصلا بالإخوان. والغي: الجهل. وقرأ نافع " يمدونهم " بضم الياء وكسر الميم. والباقون بفتح الياء وضم الميم. وهما لغتان مد وأمد. ومد أكثر، بغير الألف، قاله مكي. النحاس: وجماعة من أهل العربية ينكرون قراءة أهل المدينة، منهم أبو حاتم وأبو عبيد، قال أبو حاتم: لا أعرف لها وجها، إلا أن يكون المعنى يزيدونهم في الغي.
وحكى جماعة من أهل اللغة منهم أبو عبيد أنه يقال إذا كثر شئ شيئا بنفسه مده، وإذا كثره (1) بغيره قيل أمده، نحو " يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة (2) مسومين ". وحكي عن محمد بن يزيد أنه احتج لقراءة أهل المدينة قال: يقال مددت له في كذا أي زينته له واستدعيته أن يفعله. وأمددته فكذا أي أعنته برأي أو غير ذلك. قال مكي: والاختيار الفتح، لأنه يقال: مددت في الشر، وأمددت في الخير، قال الله تعالى: " ويمدهم في طغيانهم يعمهون (3) " . فهذا يدل على قوة الفتح في هذا الحرف، لأنه في الشر، والغي هو الشر، ولأن الجماعة عليه.
وقرأ عاصم الجحدي " يمادونهم في الغي ". وقرأ عيسى بن عمر " يقصرون " بفتح الياء وضم الصاد وتخفيف القاف. الباقون " يقصرون " بضده، وهما لغتان. قال امرؤ القيس:
* سمالك شوق بعد ما كان أقصرا * قوله تعالى: وإذا لم تأتهم بأية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203) قوله تعالى: (وإذا لم تأتيهم بآية) أي تقرؤها عليهم. (قالوا لولا اجتبيتها) لولا بمعنى هلا، ولا يليها على هذا المعنى إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا. وقد تقدم القول فيها في البقرة مستوفى (4). ومعنى " اجتبيتها " اختلقتها من نفسك. فأعلمهم أن الآيات من قبل الله

(1) في الأصول: مده.
(2) راجع ج 4 ص 160.
(3) راجع ج 1 ص 207.
(4) راجع ج 2 ص 91.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»