تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٠
هو مخفف من " طيف " مثل ميت وميت. قال النحاس: ومعنى " طيف " في اللغة ما يتخيل في القلب أو يرى في النوم، وكذا معنى طائف. وقال أبو حاتم: سألت الأصمعي عن طيف، فقال: ليس في المصادر فيعل. قال النحاس: ليس هو بمصدر، ولكن يكون بمعنى طائف. والمعنى إن الذين اتقوا المعاصي إذا لحقهم شئ تفكروا في قدرة الله عز وجل وفي إنعامه عليهم فتركوا المعصية، وقيل: الطيف والطائف معنيان مختلفان فالأول - التخيل. والثاني - الشيطان نفسه. فالأول مصدر طاف الخيال يطوف طيفا، ولم يقولوا من هذا طائف في اسم الفاعل. قال السهيلي: لأنه تخيل لا حقيقة له. فأما قوله: " فطاف عليها طائف من ربك (1) " فلا يقال فيه: طيف، لأنه اسم فاعل حقيقة، ويقال: إنه جبريل.
قال الزجاج: طفت عليهم أطوف، وطاف الخيال يطيف. وقال حسان:
فدع هذا ولكن من لطيف * يؤرقني إذا ذهب العشاء مجاهد: الطيف الغضب. ويسمى الجنون والغضب والوسوسة طيفا، لأنه لمة من الشيطان تشبه بلمة (2) الخيال. (فإذا هم مبصرون) أي منتهون. وقيل: فإذا هم على بصيرة.
وقرأ سعيد بن جبير: " تذكروا " بتشديد الذال. ولا وجه له في العربية، ذكره النحاس.
الثانية - قال عصام بن المصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي عليهما السلام، فأعجبني سمته وحسن روائه، فأثار مني الحسد ما كان يجنه صدري لأبيه من البغض، فقلت: أنت ابن أبي طالب! قال نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " فقرأ إلى قوله: " فإذا هم مبصرون " ثم قال لي:
خفض عليك، استغفر الله لي ولك إنك لو استعنتنا أعناك، ولو استرفدتنا أرفدناك،

(1) راجع ج 18 ص 238 فما بعد.
(2) اللة الخطرة بالقلب.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»