تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٧
الثانية: والجمهور من العلماء في أن هذا موضع سجود للقارئ. وقد اختلفوا في عدد سجود القرآن، فأقصى ما قيل: خمس عشرة. أولها خاتمة الأعراف، وآخرها خاتمة العلق.
وهو قول ابن حبيب وابن وهب - في رواية - وإسحاق. ومن العلماء من زاد سجدة الحجر قوله تعالى: " وكن من الساجدين " على ما يأتي (1) بيانه إن شاء الله تعالى. فعلى هذا تكون ست عشرة. وقيل: أربع عشرة، قاله ابن وهب في الرواية الأخرى عنه. فأسقط ثانية الحج. وهو قول أصحاب الرأي والصحيح سقوطها، لأن الحديث لم يصح بثبوتها.
ورواه ابن ماجة وأبو داود في سننهما عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان. وعبد الله بن منين لا يحتج به، قاله أبو محمد عبد الحق. وذكر أبو داود أيضا من حديث عقبة بن عامر قال قلت: يا رسول الله، أفي سورة الحج سجدتان؟. قال:
" نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما ". في إسناده عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف جدا.
وأثبتهما الشافعي وأسقط سجدة ص. وقيل: إحدى عشرة سجدة، وأسقط آخرة الحج وثلاث المفصل. وهو مشهور مذهب مالك. وروي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهم. وفي سنن ابن ماجة عن أبي الدرداء قال: سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شئ، الأعراف والرعد والنحل وبنى إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم. وقيل: عشر، وأسقط آخرة الحج وص وثلاث المفصل، ذكر عن ابن عباس. وقيل: إنها أربع، سجدة آلم تنزيل وحم تنزيل والنجم والعلق. وسبب الخلاف اختلاف النقل في الأحاديث والعمل، واختلافهم في الأم المجرد بالسجود في القرآن، هل المراد به سجود التلاوة أو سجود الفرض في الصلاة؟
الثالثة - واختلفوا في وجوب سجود التلاوة، فقال مالك والشافعي: ليس بواجب.
وقال أبو حنيفة: هو واجب. وتعلق بأن مطلق الأمر بالسجود على الوجوب، وبقوله عليه السلام: " إذا قرأ ابن آدم سجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله ". وفي رواية

(1) راجع ج 10 ص 63.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»