تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٢
قوله تعالى: (وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر) تكلم العلماء في هذا، فقال أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الجويني الشافعي الأشعري في النكت من التفسير له: وليس بين الناس اختلاف، كأن اسم والد إبراهيم تارح (1). والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر. وقيل:
آزر عندهم ذم في لغتهم، كأنه قال: وإذ قال لأبيه يا مخطئ " أتتخذ أصناما آلهة " وإذا كان كذلك فالاختيار الرفع. وقيل: آزر اسم صنم. وإذا كان كذلك فموضعه نصب على إضمار الفعل، كأنه قال: وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر إلها، أتتخذ أصناما آلهة.
قلت: ما ادعاه من الاتفاق ليس عليه وفاق، فقد قال محمد بن إسحاق والكلبي والضحاك: إن آزر أبو إبراهيم عليه السلام وهو تاريخ، مثل إسرائيل ويعقوب، (قلت (2)) فيكون له اسمان كما تقدم. وقال مقاتل: آزر لقب، وتارخ اسم: وحكاه الثعلبي عن ابن إسحاق القشيري. ويجوز أن يكون على العكس. قال الحسن: كان اسم أبيه آزر. وقال سليمان التيمي: هو سب وعيب، ومعناه في كلامهم: المعوج. وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: بلغني أنها أعوج، وهي أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه. وقال الضحاك: معنى آزر الشيخ الهم (3) بالفارسية. وقال الفراء: هي صفة ذم بلغتهم، كأن قال يا مخطئ، فيمن رفعه.
أو كأنه قال: وإذ قال إبراهيم لأبيه المخطئ، فيمن خفض. ولا ينصرف لأنه على أفعل، قال النحاس. وقال الجوهري: آزر اسم أعجمي، وهو مشتق من آزو فلان فلانا إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام وقيل: هو مشتق من القوة، والآزر القوة، عن ابن فارس. وقال مجاهد ويمان: آزر اسم صنم. وهو في هذا التأويل في موضع نصب، التقدير: أتتخذ آزر إلها، أتتخذ أصناما. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، التقدير:
أتتخذ آزر أصناما.
قلت: فعلى هذا آزر اسم جنس. والله أعلم. وقال الثعلبي في كتاب العرائس: إن اسم أبي إبراهيم الذي سماه به أبوه تارح، فلما صار مع النمروذ قيما على خزانة آلهته سماه آزر (4). وقال مجاهد: إن آزر ليس باسم أبيه وإنما هو اسم صنم. وهو إبراهيم بن تارح بن ناخور بن ساروع

(1) في ج وك بالمعجمة، وفى ع بالمهملة. وفى جمل: ضبطه بعضهم بالحاء المهملة وبعضهم بالخاء المعجمة.
(2) من ج وك وع.
(3) الهم (بكسر الهاء): الشيخ الفاني. وفي ك: الهرم، وكذا قال الفراء.
(4) لعل هذا هو الصحيح كما في لغة الفينيقيين إزربعل: سادن الصنم بعل.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»