ووجهه أن الحمل في ابتدائه لا يظهر إلا لها، فقبل قولها فيه كما يقبل في الحيض والعدة، لأن الجميع من الأمور التي يختص بها ولا يعلم إلا من قبلها، وأيضا فإن في ذلك جمعا بين الحقين، وحق الزوج على تقدير عدم ظهور ذلك ينجبر بالرجوع عليها، وفي التأخير إلى أن يتحقق إضرار لها مع حاجتها إلى النفقة، وعدم وجوب قضائها لو قلنا إن النفقة للحمل، لأن نفقة الأقارب لا تقضى.
ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه علق وجوب الانفاق على ظهور الحمل، وعن العلامة في التحرير أنه علقها على شهادة أربع من القوابل، وهو ظاهر اختياره في المسالك قال: لأن وجوب الانفاق على الزوجة انقطع بالطلاق البائن، ووجوبه عليها مشروط بالحمل، والأصل عدمه إلى أن يتحقق، وحكم الزوجة به في الابتداء ظني، والظن قد يكذب، ولأنه تعالى قال " وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن (1) " شرط في الانفاق عليهن كونهن أولات حمل، وهذا الوصف لا يتحقق بمجرد الدعوى، انتهى.
أقول: والمسألة لما عرفت من تقابل هذه التعليلات في المقام وعدم النص الواضع عنهم (عليهم السلام) محل توقف وإشكال، وما ذكره في المسالك جيد، إلا أنه يمكن تخصيصه بما تقدم أولا من التعليلات، ثم إنه على تقدير وجوب الانفاق عليها بمجرد دعواها هل تطالب بكفيل لجواز ظهور خلاف ما ادعته؟ قال في المسالك: فيه وجهان منشأهما أنها استولت على مال الغير بسبب لم يثبت في نفس الأمر، وإنما حكم به الشارع لتعذر إثبات موجبها قطعا، فلو أخرت إلى الوضع لزم الاضرار بها كما قررناه، فيجمع بين الحقين بالدفع إليها بكفيل، ومن حيث عدم ثبوت استحقاق الرجوع عليها الآن، والأول لا يخلو من قوة، انتهى.
المسألة السادسة: المشهور بين الأصحاب أنه لا نفقة للبائن إلا المطلقة الحامل، لأن أسباب النفقة منحصرة في الثلاثة المتقدم ذكرها التي أحدها الزوجية،