تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ١٩
البقرة (11 _ 14)) * (قالوا إنما نحن مصلحون) * بين المؤمنين والكافرين بالمدارة يعنى أن صفة المصلحين خلصت لنا وتمحضت من غير شائبة قادح فيها من وجه من وجوه الفساد لأن إنما لقصر الحكم على شيء أو لقصر الشئ على حكم كقولك إنما ينطلق زيد وانما زيد كاتب وما كافة لأنها تكفها عن العمل * (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) * أنهم مفسدون فحذف المفعول للعلم به ألا مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي لاعطاء معنى التنبيه على تحقيق ما بعدها والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحققا كقوله تعالى أليس ذلك بقادر ولكونها في هذا المنصب من التحقيق لا تقع الجملة بعدها الامصدرة بنحو ما يتلقى به القسم وقد رد الله ما ادعوه من الانتظام في جملة المصلحين أبلغ رد وأدلة على سخط عظيم والمبالغة فيه من جهة الاستئناف وما في ألا و إن من التأكيد وتعريف الخبر وتوسيط الفصل وقوله لا يشعرون * (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) * نصحوهم من وجهين أحدهما تقبيح ما كانوا عليه لبعده عن الصواب وجره إلى الفساد وثانيهما تبصيرهم الطريق الأسد من اتباع ذوى الأحلام فكان من جوابهم أن سفهوهم لتمادى جهلهم وفيه تسلية للعالم مما يلقى من الجهلة و إنما صح اسنادقيل إلى لا تفسدوا وآمنوا مع أن اسناد الفعل إلى الفعل لا يصح لأنه اسناد إلى لفظ الفعل والممتنع اسناد الفعل إلى معنى الفعل فكأنه قيل و إذا قيل لهم هذا القول ومنه زعموا مطية الكذب وما في كما كافة كما في ربما أو مصدرية كما في بما رحبت واللام في الناس للعهد أي كما آمن الرسول ومن معه وهم ناس معهودون أو عبد الله بن سلام وأشياعه أي كما آمن أصحابكم واخوانكم أو للجنس أي كما آمن الكاملون في الإنسانية أو جعل المؤمنون كأنهم الناس على الحقيقة ومن عداهم كالبهائم والكاف في كما آمن في موضع النصب لأنه صفة مصدر محذوف أي إيمانا مثل ايمان الناس ومثله كما آمن السفهاء والاستفهام في أنؤمن للانكار واللام في السفهاء مشاربها إلى الناس وانما سفهوهم وهم العقلاء المراجيم لأنهم لجهلهم اعتقدوا أن ما هم فيه هو الحق و أن ما عداه باطل ومن ركب متن الباطل كان سفيها والسفه سخافة العقل وخفة الحلم * (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) * أنهم هم السفهاء وانما ذكرهنا لا يعلمون وفيما تقدم لا يشعرون لأنه قد ذكر السفه وهو جهل فكان ذكر العلم معه أحسن طباقا له و لأن الإيمان يحتاج فيه إلى نظر واستدلال حتى يكتسب الناظر المعرفة اما الفساد في الأرض فأمرمبين على العادات فهو كالمحسوس والسفهاء خبران وهم فصل أو مبتدأ والسفهاء خبرهم والجملة خبران * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) * وقرأ أبو حنيفة رحمه الله و إذا لاقوا يقال لقيته ولاقيته إذا استقبلته قريبا
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»