تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ١٥
البقرة (6 _ 7)) كافراوكذا الليل ولم يأت بالعاطف هنا كما في قوله أن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم لأن الجملة الأولى هنا مسوقة بيانا لذكر الكتاب لا خبرا عن المؤمنين وسيقت الثانية للاخبار عن الكفار بكذا فبين الجملتين تفاوت في المراد وهما على حد لا مجال للعطف فيه وإن كان مبتدأ على تقدير فهو كالجاري عليه والمراد بالذين كفروا أناس بأعيانهم علم الله أنهم لا يؤمنون كأبي جهل و أبى لهب وأضرابهما * (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) * بهمزتين كوفي وسواء بمعنى الاستواء وصف به كما يوصف بالمصادر ومنه قوله تعالى إلى كلمة سواء اى مستوية وارتفاعه على أنه خبر لأن وأنذرتهم أم لم تنذرهم مرتفع به على الفاعلية كأنه قيل أن الذين كفورا مستو عليهم انذارك وعدمه والجملة خبر لأن و إنما جاز الاخبار عن الفعل مع أنه خبر أبدا لأنه من جنس الكلام المهجور فيه جانب اللفظ إلى جانب المعنى والهمزة و أم مجردتان لمعنى الاستواء وقد انسلخ عنهما معنى الاستفهام رأسا قال سيبويه جرى هذا على حرف الاستفهام كما جرى على حرف النداء في قولك اللهم اغفر لنا أيتها العصابة يعنى أن هذا جرى على صورة الاستفهام ولا استفهام كما جرى ذلك على صورة النداء ولا نداء والانذار التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي * (لا يؤمنون) * جملة مؤكدة للجملة قبلها أو خبر لأن والجملة قبلها اعتراض أو خبر بعد خبر والحكمة في الانذار مع العلم بالاصرار إقامة الحجة وليكون الارسال عاما وليثاب الرسول * (ختم الله على قلوبهم) * قال الزجاج الختم التغطية لأن في الاستيثاق من الشئ بضرب الخاتم عليه تغطية له لئلا يطلع عليه وقال ابن عباس طبع الله على قلوبهم فلا يعقلون الخير يعنى أن الله طبع عليها فجعلها بحيث لا يخرج منها ما فيها من الكفر ولا يدخلها ما ليس فيها من الإيمان وحاصل الختم والطبع خلق الظلمة والضيق في صدر العبد عندنا فلا يؤمن ما دامت تلك الظلمة في قلبه وعند المعتزلة إعلام محض على القلوب بما يظهر للملائكة أنهم كفار فيلعنونهم ولا يدعون لهم بخير وقال بعضهم إن إسناد الختم إلى الله تعالى مجاز والخاتم في الحقيقة الكافر إلا أنه تعالى لما كان هو الذي أفدره ومكنه أسند إليه الختم كما يسند الفعل إلى السبب فيقال بنى الأمير المدينة لأن للفعل ملابسات شتى يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والمسبب له فاسناده إلى الفاعل حقيقة وقد يسند إلى هذه الأشياء مجازا لمضاهاتا الفاعل في ملابسة الفعل كما يضاهى الرجل الأسد في جرأته فيستعار له اسمه وهذا فرع مسألة خلق الأفعال * (وعلى سمعهم) * وحد السمع كما وحد البطن في قوله
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»