تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٥
فذلك قوله تعالى إخبارا عنهم (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلوت) أصل الجبار المتعظم الممتنع عن القهر يقال نخله جباره إذا كانت طويلة ممتنعة عن وصول الأيدي إليها وسمي أولئك القوم جبارين لامتناعهم بطولهم وقوة أجسادهم وكانوا من العمالقة وبقية قوم عاد فلما قال بنو إسرائيل ما قالوا وهموا بالانصراف إلى مصر خر موسى وهارون ساجدين وخرق يوشع وكالب ثيابهما وهما اللذان أخبر الله تعالى عنهما في قوله سورة المائدة (23) (قال رجلان من الذين يخافون) أي يخافون الله تعالى قرأ سعيد بن جبير (يخافون) بضم الياء وقال الرجلان كانا من الجبارين فأسلما واتبعا موسى (أنعمم الله عليهما) بالتوفيق والعصمة قالا (ادخلوا عليهم الباب) يعني قرية الجبارين (فإذا دخلتموه فإنكم عالبون) لأن الله منجز وعده وإنا رأيناهم فكانت أجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة فلا تخشوهم (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوهما سورة المائدة (24) (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو نعيم أنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال سمعت ابن مسعود يقول لقد شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال لا نقول كما قال قوم موسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا) ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك ومن خلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره ما قال فلما فعلت بنو إسرائيل ما فعلت من مخالفتهم أمر ربهم وهمهم بيوشع وكالب غضب موسى عليه السلام ودعا عليهم سورة المائدة (25) (قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي) قيل معناه لا يملك إلا نفسه وقيل معناه لا يطيعني إلا نفسي وأخي (فافرق) فافصل (بيننا) قيل فاقض بيننا (وبين القوم الفاسقين) العاصين سورة المائدة (26) (قال) الله تعالى (فإنها محرمة عليهم) قيل ههنا تم الكلام معناه تلك البلد محرمة عليهم أبدا
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»