تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٥٨
* (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23)) أي: لا مثل له. ومعنى قوله * (فلا تجعلوا لله أندادا) أي: لا تتخذوا من دونه أربابا تعبدونهم كعبادة الله، وتطيعونهم كطاعة الله لا أن له مثلا، أو لا مثل لله تعالى.
* (وأنتم تعلمون) أي: فلا تعبدوا غيره وأنتم تعلمون أنه خالقكم وخالق السماوات والأرض. وقوله تعالى: (وإن كنتم في ريب) أي: شك. فإن قيل: كيف ذكره على التشكيك وهم في ريب على التحقيق؟ قيل: مثله جائز في كلام العرب؛ كما يقول الرجل لغيره: إن كنت رجلا فافعل كذا؛ وإن عرف أنه رجل على التحقيق. قيل: أراد به ' وإذ كنتم ' فيكون على التحقيق، * (مما نزلنا) من القرآن * (على عبدنا) يعني: على الرسول.
* (فأتوا بسورة) السورة: اسم للمنزلة الرفيعة؛ ومنه سورة البناء؛ لارتفاعه. قال الشاعر:
(ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل شيء دونها يتذبذب) أي: أعطاك سورة منزلة، أي: منزلة رفيعة. وسميت سورة القرآن سورة؛ لأن القارئ ينال بقراءة كل سورة منزلة؛ حتى يستكمل جميع المنازل باستكمال القرآن، وقيل: السورة اسم لقطعة من القرآن معلوم الأول والآخر، ومنه سؤر الطعام لما بقي منه. وفي الخبر ' إذا أكلتم فاسأروا ' أي: أبقوا بقية. وإنما نزل القرآن سورة سورة حتى [أن] القارئ كلما قرأ سورة وافتتح أخرى ازداد نشاطا، فيكون أنشط في القراءة، أو لأنه ربما لا يمكنه حفظ جميع القرآن فيحفظ بعض السور.
* (فأتوا بسورة من مثله) وقوله: * (من مثله) فيه معنيان: أحدهما قاله ابن
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»