تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٨
قالت: فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه أبياتنا موضعه الذي توفي فيه، فلما توفي غسل وكفن في أثوابه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لعثمان بن مظعون: رحمة الله عليك أبا السائب، لقد أكرمك الله، فقال رسول الله: (وما يدريك إن الله تعالى أكرمه).
قالت: فقلت: بأبي أنت وأمي لا أدري. قال: (أما هو فقد جاءه اليقين وما رأينا إلا خيرا. فوالله إني لأرجو له الجنة، فوالله ما أدري وأنا رسول الله ماذا يفعل بي). قالت: فوالله لا أزكي بعده أحدا.
قالوا: وإنما قال هذا حين لم يخبر بغفران ذنبه، وإنما غفر الله له ذنبه في غزوة الحديبية قبل موته بسنتين وشئ، وقال ابن عباس: لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رسول الله فيما يرى النائم وهو بمكة أرضا ذات سباخ ونخل رفعت له، يهاجر إليها.
فقال له أصحابه وهم بمكه: إلى متى نكون في هذا البلاء الذي نحن فيه؟ ومتى نهاجر إلى الأرض التي أريت. فسكت.
فأنزل الله تعالى: " * (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) *) أترك في مكاني أو أخرج إلى الأرض التي رفعت لي، وقال بعضهم: معناها: ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم، إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدنيا؟
أنبأني عقيل بن محمد، أخبرنا المعافى بن زكريا، أخبرنا محمد بن جرير، أخبرنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو بكر الهذل، عن الحسن. في قوله تعالى: " * (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) *)، فقال: أما في الآخرة فمعاذ الله قد علم إنه في الجنه حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن قال: " * (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم) *) في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي ولا أدري ما يفعل بكم، أمتي المكذبة أم المصدقة، أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا أم مخسوف بها خسفا.
ثم أنزل الله تعالى: " * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) *). يقول: سيظهر دينكم على الأديان. ثم قال في أمته: " * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) *) فأخبره الله تعالى ما يصنع به وبأمته. وهذا قول السدي واليماني، وقال الضحاك: " * (ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم) *) أي ما تؤمرون وما تنهون عنه.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»