تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٤
وقال عكرمة: هما الجنة والنار اختصمتا فقالت النار: خلقني الله سبحانه وتعالى لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني الله عز وجل لرحمته، فقد قص الله عليك سبحانه من خبرهما ما تسمع، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا أبو سعيد بن حمدون رحمه الله بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو حامد ابن الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي وعبد الرحمن بن بشر العبدي وأحمد بن يوسف السلمي قالوا: حدثنا عبد الرزاق بن همام الحميري قال: أخبرنا معمر بن راشد عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين المتجبرين، وقالت الجنة: لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقاطهم ، فقال الله سبحانه للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحد منكما ملؤها، فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول: هل من مزيد؟ فلا تمتلئ حتى يضع الله سبحانه رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم من خلقه أحدا. وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا).
ثم بين مآل الخصمين وحال أهل الدارين فقال سبحانه وتعالى " * (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) *).
قال سعيد بن جبير: ثياب من نحاس من نار، وليس من الآنية شيء إذا حمي أشد حرا منه.
" * (يصب من فوق رءوسهم الحميم) *) الماء الحار.
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جنبه فيسلت ما في جوفه حتى يبلغ قدميه، وهو الصهر ثم يعاد كما كان " * (يصهر) *) يذاب، يقال: صهرت الألية والشحم بالنار أذبتها، أصهرها صهرا، قال الشاعر:
تروي لقى ألقى في صفصف تصهره الشمس ولا ينصهر ومعنى الآية: يذاب بالحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم ما في بطونهم من الشحوم والأحشاء وتنشوي جلودهم منه فتتساقط.
" * (ولهم مقامع) *) سياط " * (من حديد) *) واحدتها مقمعة، سميت بذلك لأنها يقمع بها المضروب أي يذلل
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»