تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٠
فأنزل الله سبحانه " * (ومن الناس من يعبد الله على حرف) *) أي طرف واحد وجانب في الدين لا يدخل فيها على الثبات والتمكين، والحرف: منتهى الجسم، وقال مجاهد: على شك.
وقال بعض أهل المعاني: يريد على ضعف في العبادة كضعف القائم على حرف مضطربا فيه.
وقال بعضهم: أراد على لون واحد في الأحوال كلها يتبع مراده، ولو عبدوا الله في الشكر على السراء والصبر على الضراء لما عبدوا الله على حرف.
وقال الحسن: هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه.
" * (فإن أصابه خير) *) صحة في جسمه وسعة في معيشته " * (اطمأن به) *) أي رضي واطمأن إليه وأقام عليه.
" * (وإن أصابته فتنة) *) بلاء في جسمه وضيق في معاشه وتعذر المشتهى من حاله " * (انقلب على وجهه) *) ارتد فرجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر " * (خسر الدنيا والاخرة) *) وقرأ حميد الأعرج ويعقوب: خاسر الدنيا بالألف على مثال فاعل، والآخرة خفضا، على الحال.
" * (ذلك هو الخسران المبين) *) الضرر الظاهر " * (يدعوا من دون الله ما لا يضره) *) إن عصاه " * (وما لا ينفعه) *) إن أطاعه بعد إسلامه راجعا إلى كفره " * (ذلك هو الضلال البعيد) *) ذهب عن الحق ذهابا بعيدا.
" * (يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه) *) اختلف النحاة في وجه هذه اللام فقال بعضهم: هي صلة مجازها: يدعو من ضره أقرب من نفعه، وهكذا قرأها ابن مسعود، وزعم الفراء والزجاج أن اللام معناها التأخير تقديرها: يدعو والله لمن ضره أقرب من نفعه.
وقال بعضهم: هذا على التأكيد معناه: يدعو لمن ضره أقرب من نفعه يدعو ثم حذفت يدعو الأخيرة اجتزاء بالأولى، ولو قلت: تضرب لمن خيره أكثر من شره تضرب، ثم يحذف الأخير جاز.
وحكي عن العرب سماعا: أعطيتك لما غيره خير منه، وعنده لما غيره خير منه.
وقيل: (يدعو لمن ضره) من قوله " * (ذلك هو الضلال البعيد) *)، وموضع " * (ذلك) *) نصب ب (يدعو) كأنه قال: الذي هو الضلال البعيد يدعو، ثم استأنف فقال: لمن ضره أقرب من نفعه، وتكون من في محل الرفع بالابتداء وخبره " * (لبئس المولى ولبئس العشير) *).
وقيل: يدعو بمعنى يقول، والخبر محذوف تقديره: لمن ضره أقرب من نفعه إلهه لبئس المولى الناصر، ولبئس العشير المعاشر، والصاحب والخليط يعني الوثن.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»