تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٥٦
وروى السدي عن محمد بن السائب عن باذان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم دخل كلام بعضهم في بعض قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما كانت ليلة أسري بي وأنا بمكة بين النائم واليقظان، جاءني جبرئيل (عليه السلام) فقال يا محمد قم فقمت فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل فقال جبرئيل لميكائيل: أئتني بطشت من ماء زمزم لكيما (وعطر قلبه) وأشرح له صدره قال: فشق بطني فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طشات من ماء زمزم، فشرح صدري ونزع ما كان فيه من غل وملاه حلما وعلما وإيمانا وختم بين كتفي بخاتم النبوة، ثم أخذ جبرئيل بيدي حتى انتهى بي إلى سقاية زمزم فقال لملك: ائتني بنور من ماء زمزم ومن ماء الكوثر، فقال: توضأ فتوضأت ثم قال لي: انطلق يا محمد. قلت: إلى اين؟ قال: إلى ربك ورب كل شيء، فأخذ بيدي وأخرجني من المسجد فإذا أنا بالبراق دابة فوق الحمار ودون البغل خده كخد الانسان وذنبه كذنب البعير وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم الإبل وأظلافه كأظلاف البقر وصدره كأنه ياقوتة حمراء وظهره كأنه درة بيضاء عليه رحل من رحائل الجنة، وله جناحان في فخذيه يمر مثل البرق خطوة منتهى طرفه فقال لي: إركب، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام.
قال: فلما وضعت يدي عليه شمس واستعصى علي، فقال جبرئيل: مه يابراق، فقال البراق: يا جبرئيل (مس ظهري) فقال جبرئيل: هل مسست (ظهرا) قال: لا والله إلا إني مررت يوما على (نصاب إبل) فمسحت يدي على رؤسهما وقلت: إن قوما يعبدونكما من دون الله ضلال. فقال جبرئيل: يابراق أما تستحي فوالله ماركبك مذ كنت قط نبي أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم قال: فأرتعش البراق وأنصب عرقا حياء مني، ثم خفض لي حتى لزق بالأرض، فركبته واستويت عليه قام بي جبرئيل نحو المسجد الأقصى بخطوا البراق مد البصر يرسل إلى جنبي لا يفوتني ولا أفوته حينا أنا في مسيري إذا جاءني نداء عن يميني قال: يا محمد على رسلك أسلك بقولها ثلاثا فلم أرفق عليه ثم مضيت حتى جاوزته، فإذا أنا بامرأة عجوز رفعت لي عليها من كل زينة وبهجة تقول: يا محمد إلي، فلم ألتفت إليها وقلت: يا جبرئيل من هذا الذي ناداني عن يميني؟ فقال: داعية اليهود والذي نفسي بيده لو أجبته لتهودت أمتك من بعدك والذي ناداك من يسارك داعية النصارى، والذي نفسي بيده لو أجبت لتنصرت أمتك من بعدك، فأما التي رفعت لك بهجتها وزينتها فهي الدنيا لو التويت إليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»