تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٣٥
" * (الحر) *).
(وقال) أهل المعاني: (أراد) الحر والبرد فأكتفى بأحدهما عن الآخر بدلالة الكلام عليه نظيره قوله: " * (إن علينا للهدى) *) يعني الهدي والإضلال.
" * (وسرابيل تقيكم بأسكم) *) يعني الدروع ولباس الحرب والمعنى: تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل إليكم " * (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) *) يخضعون له بالطاعة ويخلصون له بالعبادة.
وروى نوفل بن أبي (عقرب) عن ابن عباس أنه قرأ: (يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) بالفتح، يعني من الجراحات.
قال أبو عبيد: الاختيار قراءة العامة، لأن ما أنعم الله علينا في الإسلام أكثر من إنعامه علينا في السلامة من الجراح.
وقال عطاء الخراساني في هذه الآية: إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى إلى قوله تعالى: " * (وجعل لكم من الجبال اكنانا) *) وما جعل لكم من السهول أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب جبال. وقال: " * (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) *) وما جعل لهم من غير ذلك أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر. الا ترى إلى قوله: " * (وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء) *) وما ينزل من (الثلج) أعظم وأكثر ولكنهم كانوا لا يعرفونه، ألا ترى إلى قوله: " * (سرابيل تقيكم الحر) *) وما يقي من البرد أعظم وأكثر ولكنهم ظلوا أصحاب حر.
" * (فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله) *).
قال السدي: يعني محمد صلى الله عليه وسلم " * (ثم ينكرونها) *) يكذبون ويجحدون نبوته.
قال مجاهد: يعني ما عدد عليهم في هذه السورة من النعم ينكرون ذلك فيزعمون أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم، وبمثله قال قتادة.
وقال الكلبي: وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذه النعم لهم فقالوا: نعم هذه كلها من الله تعالى ولكنها بشفاعة آلهتنا. وقال عون بن عبد الله: هو قول الرجل لولا فلان لكان كذا، لولا فلان ما أصبت كذا.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»