تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٦٥
يقوله مع قوله: " * (إن شاء الله) *) إذا ذكر الاستثناء بعد ما نسيه، فإذا نسي الإنسان فيؤتيه من ذلك. وكفارته أن يقول: " * (عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا) *).
" * (ولبثوا) *) يعني: أصحاب الكهف " * (في كهفهم) *)، قال بعضهم: هذا خبر عن أهل الكتاب أنهم قالوا ذلك، وقالوا: لو كان خبرا من الله عز و جل عن قدر لبثهم في الكهف لم يكن لقوله: " * (قل الله أعلم بما لبثوا) *) وجه مفهوم، وقد أعلم خلقه قدر لبثهم فيه، هذا قول قتادة. يدل عليه قراءة ابن مسعود: (وقالوا لبثوا في كهفهم). وقال مطر الوراق في هذه الآية: هذا شيء قالته اليهود، فرده الله عليهم، وقال: " * (قل الله أعلم بما لبثوا) *). وقال الآخرون: هذا إخبار الله عن قدر لبثهم في الكهف، وقالوا: معنى قوله: " * (قل الله أعلم) *) أن أهل الكتاب قالوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للفتية من لدن دخلوا الكهف إلى يومنا هذا ثلاثمئة وتسع سنين فرد الله عز و جل ذلك عليهم، وقال: " * (قل الله أعلم بما لبثوا) *) بعد أن قبض أرواحهم إلى يومنا هذا لا يعلم ذلك غير الله وغير من أعلمه الله ذلك. وقال الكلبي: قالت نصارى نجران: أما الثلاثمئة فقد عرفناها، وأما التسع فلا علم لنا بها فنزلت * (الله أعلم بما لبثوا) * * (ثلاثمائة سنين) *) مضاف غير منون، قرأها حمزة، والكسائي والباقون بالتنوين يعني: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاثمئة. وقال الضحاك ومقاتل: نزلت: " * (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة) *) فقالوا: أياما أو سنين؟ فنزلت " * (سنين) *) فلذلك قال: " * (سنين) *) ولم يقل: سنة. " * (وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع) *) يعني: ما أبصر الله بكل موجود وأسمعه بكل مسموع " * (ما لهم) *)، أي لأهل السماوات والأرض " * (من دونه) *) من دون الله " * (من ولي) *): ناصر، " * (ولا يشرك في حكمه أحدا) *) من الأصنام وغيرها.
" * (واتل) *) أي واقرأ يا محمد " * (ما أوحي إليك من كتاب ربك) *)، يعني: القرآن، واتبع ما فيه " * (لا مبدل لكلماته) *)، قال الكلبي: لا مغير للقرآن. وقال محمد بن جرير: يعني: لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه والمخالفين لكتابه. " * (ولن تجد) *) أنت " * (من دونه) *) إن لم تتبع القرآن وخالفته " * (ملتحدا) *)، قال ابن عباس: حرزا. وقال الحسن: مدخلا. وقيل: معدلا. وقيل: موئلا وقال مجاهد ملجأ، وأصله من الميل، ومنه لحد القبر.
" * (واصبر نفسك) *) الآية قال المفسرون: نزلت في عيينة بن حصين الفزاري، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية، وعنده بلال وصهيب وخباب وعمار وعامر بن فهيرة ومهجع وسلمان، وعلى سلمان شملة قد عرق فيها وبيده خوصة يشتقها ثم ينسجها، فقال عيينة للنبي صلى الله عليه وسل
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»