تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٦٤
بمآء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وسآءت مرتفقا * إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا * أولائك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الارآئك نعم الثواب وحسنت مرتفقا) *) 2 " * (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) *)، قال ابن عباس: يعني إذا عزمت على أن تفعل شيئا غدا، أو تحلف على شيء أن تقول: إني فاعل ذلك غدا إن شاء الله. وإن نسيت الاستثناء ثم ذكرته فقله ولو بعد سنة، وهذا تأديب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حين سئل عن المسائل الثلاثة: أصحاب الكهف، والروح، وذي القرنين، فوعدهم أن يخبرهم ولم يستثن.
عبد الله بن سعيد المقري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يتم إيمان العبد حتى يستثني في كل كلامه).
" * (واذكر ربك إذا نسيت) *)، قال ابن عباس ومجاهد وأبو العالية والحسن: معناه: إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت، فاستثن. وقال عكرمة: معناه: واذكر ربك إذا غضبت.
حدثنا عبد الصمد بن حسان عن وهيب قال: مكتوب في الإنجيل: ابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت فلا تنتصر؛ فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك. وقال الضحاك والسدي: هذا في الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها).
وقال أهل الإشارة: معناه واذكر ربك إذا نسيت غيره؛ لأن ذكر الله تعالى إنما يتحقق بعد نسيان غيره. يؤيده قول ذي النون المصري: من ذكر الله ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء، فإذا نسي في جنب ذكره كل شيء حفظ الله له كل شيء، وكان له عوضا من كل شيء. وقيل: معناه: واذكر ربك إذا تركت ذكره، والنسيان هو الترك. " * (وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا) *)، أي يثبتني على طريق هو أقرب إليه، فأرشد. وقيل: معنا لعل الله أن يهديني ويسددني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه سيكون إن هو شاء. وقيل: إن الله تعالى أمره أن يذكره إذا نسي شيئا ويسأله أن يذكره فيتذكر، أو يهديه لما هو خير له من تذكر ما نسيه. ويقال: إن القوم لما سألوه عن قصة أصحاب الكهف على وجه العناد أمره الله تعالى أن يخبرهم أن الله سيؤتيه من الحجج والبيان على صحة نبوته وما دعاهم إليه من الحق ودلهم على ما سألوه. ثم إن الله عز و جل فعل ذلك حيث آتاه من علم غيوب المرسلين وخبرهم ما كان أوضح في الحجة وأقرب إلى الرشد من خبر أصحاب الكهف. وقال بعضهم: هذا شيء أمر أن
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»