تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٠٤
عطاء عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت " * (تبت يدا أبي لهب وتب) *) جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر (ح) فقال: يا رسول الله لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك، فإنها امرأة بذيئة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنه سيحال بيني وبينها) فلم تره فقالت لأبي بكر: يا أبا بكر هجاني صاحبك قال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله.
فقالت: وإنك لمصدقه فاندفعت راجعة. قال أبو بكر: يا رسول الله أما رأتك؟ قال: (لا ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت).
وروى الكلبي عن رجل من (أهل الشام) عن كعب في هذه الآية قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستتر من المشركين بثلاث آيات: الآية التي في الكهف " * (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا) *) والآية التي في النحل " * (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) *) إلى قوله " * (هم الغافلون) *).
والآية التي في الجاثية " * (أرأيت من اتخذ إلاهه هواه) *) إلى قوله " * (غشاوة) *) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأهن يستتر من المشركين.
قال كعب: فحدثت بهن رجلا من أهل الشام فمكث فيهم ما شاء الله أن يمكث ثم قرأ بهن فخرج هاربا وخرجوا في طلبه حتى كانوا يكونون على طريقه ولا يبصرونه.
قال الكلبي: حدثت به رجلا بالري فأسر بالديلم فمكث فيهم ما شاء الله أن يمكث ثم قرأهن وخرج هاربا وخرجوا في طلبه حتى جعل ثيابهم لتلتمس ثيابه فما يبصرونه.
" * (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده) *) يقول: وإذا قلت: لا إله إلا الله في القرآن وحده وأنت تتلوه " * (ولوا على أدبارهم نفورا) *) كارهين له معرضين عنها.
حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس في قوله " * (ولوا على أدبارهم نفورا) *) قال: هم الشياطين والنفور جمع نافر مثل قاعد وقعود وجالس وجلوس، وجائز أن يكون مصدرا أخرج على غير لفظه إذا كان قوله " * (ولوا) *) بمعنى نفروا، فيكون معناه (نفورا).
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»