تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٨٩
* (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها) * [آية: 13] يعني بالرسول صالح صلى الله عليه وسلم، وهو بين لهم أمر الناقة وشربها، وما يفعل الله عز وجل بهم إن كذبوا وعقروا الناقة، فذلك قوله:
* (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها) * (فكذبوه) * بما جاء به * (فعقروها) * يعني قتلوا الناقة فحل بهم العذاب، قال: * (فدمدم عليهم ربهم) * (ثم قال) * (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم) * يقول:
إنما كان بذنبهم، بذلك أنهم لما عقروا الناقة اتبعد الفصيل حتى صعد على جبل فصاح ثلاث مرات: يا صالح، قتلت أمي وفزع أهل المدينة كلهم إلى صالح، فقالوا: ما جئتنا؟ قال: حيلتكم أن تأخذوا الفصيل، فعسى الله أن يكف عنكم العذاب في شأن الفصيل، فلما صعدوا الجبل ليأخذوه فر من بين أيديهم وتوارى فلم ير، وغاب، قالوا: يا صالح، ما يفعل الله بنا؟ قال: كم من صيحة صالح الفصيل؟ قالوا: ثلاث مرات، قال: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك الوعد الذي صالح الفصيل غير مكذوب، يقول: إنه لا يكذب فيه، قالوا: وما علامة ذلك يا صالح؟
قال: غنكم تصفر وجوهكم يوم الثاني، وتسود وجوهكم يوم الثالث، ثال: ثم يأتيكم العذاب يوم الرابع، فلما أن كان اليوم الأول اصفرت وجوه القوم، فلم يصدقوا، وقالوا:
إنما هذه الصفرة من الخوف والفرق، فلما كان اليوم الثاني احمرت وجوههم واستيقنوا بالعذاب، ثم إنهم عمدوا فحفروا لنفسهم قبورا وتحنطوا بالمر والصبر وتكفتوا بالأنطاع، فلما أن كان اليوم الثالث اسودت وجوههم حتى لم يعرف بعضهم بعضا من شدة السواد، والتغير، فلما أن كان اليوم الرابع أصبحوا فدخلوا حفرهم، فلما أشرقت الشمس، وارتفع النهار لم يأتهم العذاب، فظنوا أن الله يرحمهم، وخرجوا من قبورهم، ودعوا بعضهم بعضا، إذ نزل جبريل، عليه السلام، فسد ضوء الشمس حتى دخلوا في قبورهم، فصاح بهم جبريل، عليه السلام، فلما عاينوا جبريل، عليه السلام، ونظروا إلى ضوء الشمس شدوا حتى دخلوا في قبورهم، فناموا فصاح بهم جبريل صيحة أن قوموا عليكم لعنة الله، فسالت أرواحهم من أجسادهم، زلزلت بيوتهم حتى وقعت على قبورهم إلى يوم القيامة، فأصبحوا كأن لم يكن بمدينتهم شئ، فذلك قوله: * (كان لم يغنوا فيها) * [هود: 68] وذلك قوله: * (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) * [آية: 14] يعني فسوى بيوتهم على قبورهم، قوله: * (ولا يخاف عقبها) * [15].
قال في التقديم: * (إذ انبعث أشقاها) * () * (ولا يخاف عقباها) * عاقر الناقة من الله عز وجل، وإنما كان أصحاب الشراب تسعة نفس منهم قدار بن قديرة، وهو عاقر الناقة
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»