تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
وكان أذاهم للرسل أن قالوا: * (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا) *، يعني دينهم الكفر، فهذا الأذى الذي صبروا عليه، * (فأوحى إليهم ربهم) *، يعني إلى الرسل، * (لنهلكن الظالمين) * [آية: 13]، يعني المشركين في الدنيا ولننصرنكم.
يعني * (ولنسكننكم الأرض من بعدهم) *، يعني هلاكهم، * (ذلك) * الإنسان في الدنيا، * (لمن خاف مقامي) *، يعني مقام ربه عز وجل في الآخرة، * (و) * لمن * (وخاف وعيد) * [آية: 14] في الآخرة.
واستفتحوا، يعني دعوا ربهم واستنصروا، وذلك أن الرسل أنذروا قومهم العذاب في الدنيا، فردوا عليهم: أنكم كذبة، ثم قالوا: اللهم إن كانت رسلنا صادقين فعذبا، فذلك قوله تعالى: * (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) * [الأعراف:
70]، فذلك قوله سبحانه: * (واستفتحوا) *، يعني مشركي مكة، وفيهم أبو جهل، يعني ودعوا ربهم، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (وخاب كل جبار عنيد) * [آية: 15]، يعني وخسر عند نزول العذاب كل متكبر عن توحيد الله عز وجل، نزلت في أبي جهل، * (عنيد) *، يعني معرض عن الإيمان مجانبا له.
ثم قال لهذا الجبار وهو في الدنيا: * (من ورائه جهنم) *، من بعدهم، يعني من بعد موته، * (ويسقى من ماء صديد) * [آية: 16]، يعني خليطة القيح والدم الذي يخرج من أجداف الكفار يسقى الأشقياء.
* (يتجرعه) * تجرعا، * (ولا يكاد يسيغه) * البتة، نظيرها: * (إذا أخرج يده لم يكد يراها) * [النور: 40]، يقول: لا يراها البتة، * (ويأتيه الموت) * في النار * (من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه) * هذا، يعني ومن بعد إحدى وعشرين ألف سنة يفتح عليهم باب يقال له: الهيهات، فتأكل ناره نار جهنم وأهلها، كما تأكل
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»