تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ١٨٩
* (وأدخل الذين ءامنوا) *، يعني صدقوا بتوحيد الله عز وجل، * (وعملوا الصالحات) *، وأدوا الفرائض، * (جنت تجري من تحتها الأنهار) *، يعني تجري العيون من تحت بساتينها، * (خالدين فيها) * لا يموتون، * (بإذن ربهم) *، يعني بأمر ربهم ادخلوا الجنة، * (تحيتهم فيها سلم) * [آية: 23]، يقول: تسلم الملائكة عليهم في الجنة.
* (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة) *، يعني حسنة، يعني كلمة الإخلاص، وهي التوحيد، * (كشجرة طيبة) *، يعني بالطيبة الحسنة، كما أنه ليس في الكلام شيء أحسن ولا أطيب من الإخلاص، قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فكذلك ليس في الثمار شيء أحلى ولا أطيب من الرطبة، وهي النخلة، * (أصلها ثابت) * في الأرض، * (وفرعها) *، يعني رأسها، * (في السماء) * [آية: 24]، يقول: هكذا الإخلاص ينبت في قلب المؤمن، كما تنبت النخلة في الأرض، إذا تكلم بها المؤمن، فإنها تصعد إلى السماء، كما أن النخلة رأسها في السماء، كما أن النخلة لها فضل على الشجر في الطول، والطيب، والحلاوة، فكذلك كلمة الإخلاص لها فضل على سائر الكلام.
* (تؤتي أكلها كل حين) *، يقول: إن النخلة تؤتي ثمرها كل ستة أشهر، * (بإذن ربها) *، يعني بأمر ربها، فهكذا المؤمن يتكلم بالتوحيد، ويعمل الخير ليلا ونهارا، غدوة وعشيا، بمنزلة، النخلة، وهذا مثل المؤمن، ثم قال سبحانه: * (ويضرب الله الأمثال للناس) *، يعني ويصف الله الأشياء للناس، * (لعلهم يتذكرون) * [آية: 25]، أي يتفكرون في أمثال الله تعالى، فيوحدونه.
ثم ضرب مثلا آخر للكافرين، فقال سبحانه: * (ومثل كلمة خبيثة) *، يعني دعوة الشرك، * (كشجرة خبيثة) * في المرارة، يعني الحنظل، * (اجتثت) *، يعني انتزعت، * (من فوق الأرض ما لها من قرار) * [آية: 26]، يقول: ما لها من أصل، فهكذا كلمة الكافر ليس لها أصل، كما أن الحنظل أخبث الطعام، فكذلك كلمة الكفر أخبث الدعوة، وكما أن الحنظل ليس فيه ثمر، وليس لها بركة ولا منفعة، فكذلك الكافر لا خير فيه، ولا فرع له في السماء يصعد فيه عمله، ولا أصل في الأرض، بمنزلة الحنظلة، يذهب بها
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»