تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ١١١
* (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) *، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم في يونس: * (ائت بقرآن غير هذا) *، ليس فيه ترك عبادة آلهتنا ولا عيبها، * (أو بدله) * [يونس: 15] أنت من تلقاء نفسك، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسمعهم عيبها رجاء أن يتبعوه، فأنزل الله تعالى: * (فلعك تارك بعض ما يوحى إليك) *، يعنى ترك ما أنزل إليك من أمر الآلهة، * (وضائق به صدرك) * في البلاغ، أراد أن يحرضه على البلاغ، * (أن يقولوا لولا) *، يعنى هلا، * (أنزل عليه كنز) *، يعنى المال من السماء فيقسمه بيننا، * (أو جاء معه ملك) * يعينه ويصدقه بقوله: إن كان محمد صادقا في أنه رسول، ثم رجع إلى أول هذه الآية، فقال: بلغ يا محمد، * (إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل) * [آية: 12]، يعنى شهيد بأنك رسول الله تعالى.
* (أم) *، يعنى بل، * (يقولون) * إن محمدا * (افتراه) *، قالوا: إنما يقول محمد هذا القرآن من تلقاء نفسه، * (قل) * لكفار مكة: * (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) *، يعنى مختلفات مثله، يعنى مثل القرآن، * (وادعوا) *، يعنى واستعينوا عليه، * (من استطعتم) * من الآلهة التي تعبدون، * (من دون الله إن كنتم صادقين) * [آية: 13] بأن محمدا تقوله من تلقاء نفسه.
قال في هذه السورة: * (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) *، فلم يأتوا، ثم قال في سورة يونس: * (فأتوا بسورة مثله) * [يونس: 38] واحدة، وفي البقرة أيضا: * (فأتوا بسورة من مثله) * [البقرة: 23]، فقال الله في التقديم: ولن تفعلوا البتة أن تجيئوا بسورة: * (فإن لم تفعلوا) * [البقرة: 24]، يعنى فإذا لم تفعلوا، فاتقوا النار التي أعدت للكافرين، * (فإلم يستجيبوا لكم) *، يعنى النبي صلى الله عليه وسلم وحده، يقول: فإن لم تفعلوا ذلك يا محمد، فقل لهم: يا معشر كفار مكة: * (فاعلموا أنما أنزل) * هذا القرآن * (بعلم الله) *، يعنى بإذن الله، وقراءة ابن مسعود: أنما أنزل بإذن الله، * (و) * اعلموا * (وأن لا إله إلا هو) * بأنه ليس له شريك، إن لم يجيئوا بمثل هذا القرآن قل لهم: * (فهل أنتم مسلمون) * [آية: 14]، يعنى مخلصين بالتوحيد.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»