تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ١٢١
ثم نسختها الآية التي بعدها، فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة، فبين للرجل كيف يطلق المرأة، وكيف تعتد، فقال: * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف) *، يعني بإحسان، * (أو تسريح بإحسان) *، يعني التطليقة الثالثة في غير ضرار، كما أمر الله سبحانه في وفاء المهر، * (ولا يحل لكم) * إذا أردتم طلاقها * (أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئا) *، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته، أخرجها من بيته، فلا يعطيها شيئا من المهر، ثم استثنى ورخص، فقال سبحانه: * (إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) *، يعني أمر الله عز وجل فيما أمرهما، وذلك أن تخاف المرأة الفتنة على نفسها، فتعصى الله فيما أمرها زوجها، أو يخاف الزوج أن لم تطعه امرأته أن يعتدى عليها، يقول سبحانه: * (فإن خفتم) *، يعني علمتم، * (ألا يقيما) *، يعني الحاكم، * (حدود الله) *، يعني أمر الله في أنفسهما إن نشزت عليه، * (فلا جناح عليهما) *، يعني الزوج والزوجة، * (فيما افتدت به) * من شيء، يقول: لا حرج عليهما إذا رضيا أن تفتدى منه ويقبل منها الفدية ثم يفترقا، وكانت نزلت في ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج، وفي امرأته أم حبيبة بنت عبد الله بن أبي رأس المنافقين، وكان أمهرها حديقة فردتها عليه، واختلعت منه، فهي أول خلعة كانت في الإسلام، ثم قال: * (تلك حدود الله) *، يعني أمر الله فيهما، * (فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله) *، يقول: ومن يخالف أمر الله إلى غيره، * (فأولئك هم الظالمون) * [آية: 229] لأنفسهم.
ثم رجع إلى الآية الأولى في قوله: * (الطلاق مرتان) * * (فإن طلقها) * بعد التطليقتين تطليقة أخرى، سواء أكان بها حبل أم لا، * (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * فيجامعها، فنسخت هذه الآية الآية التي قبلها في قوله عز وجل * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) *، ونزلت * (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * في تميمة بنت وهب بن عتيك النقرى، وفي زوجها رفاعة بن عبد الرحمن بن الزبير، وتزوجها عبد الرحمن بن
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»