تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ١١٦
تفسير سورة البقرة من آية [219 - 220] * (يسئلونك عن الخمر والميسر) *، يعني القمار، نزلت في عبد الرحمن بن عوف، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ونفر من الأنصار، رضي الله عنهم، وذلك أن الرجل كان يقول في الجاهلية: أين أصحاب الجزور، فيقوم نفر، فيشترون الجزور، فيجعلون لكل رجل منهم سهم، ثم يقرعون، فمن خرج سهمه يبرأ من الثمن، حتى يبقى آخرهم رجلا، فيكون ثمن الجزور كله عليه وحده، ولا حق له في الجزور، ويقتسم الجزور بقيتهم بينهم، فذلك المسير، قال سبحانه: * (قل فيهما إثم كبير) *، في ركوبهما؛ لأن فيهما ترك الصلاة، وترك ذكر الله عز وجل، وركوب المحارم، ثم قال سبحانه: * (ومنافع للناس) *، يعني بالمنافع اللذة والتجارة في ركوبهما قبل التحريم، فلما حرمهما الله عز وجل، قال: * (وإثمهما) * بعد التحريم، * (أكبر من نفعهما) * قبل التحريم، وأنزل الله عز وجل تحريمهما بعد هذه الآية بسنة، والمنفعة في الميسر أن بعضهم ينتفع به، وبعضهم يخسر، يعني المقامر، وإنما سمي الميسر؛ لأنهم قالوا: يسروا لنا ثمن الجزور، يقول الرجل: افعل كذا وكذا.
* (ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) * [آية: 219]، * (في الدنيا والآخرة ويسئلونك عن اليتامى) *، وذلك أن الله عز وجل أنزل في أموال اليتامى: * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) * [النساء: 10]، فلما نزلت هذه الآية، أشفق المسلمون من خلطة اليتامى، فعزلوا بيت اليتيم وطعامه وخدامه على حدة مخافة العذر، فشق ذلك على المسلمين، وعلى اليتامى اعتزالهم، فقال ثابت بن رفاعة للنبي صلى الله عليه وسلم: قد سمعنا ما أنزل الله عز وجل في اليتامى فعزلناهم، والذي لهم، وعزلنا الذي لنا، فشق ذلك علينا وعليهم، وليس كلنا يجد سعة في عزل اليتيم وطعامه وخادمه، فهل يصلح لنا خلطتهم، فيكون البيت والطعام واحد والخدمة وركوب الدابة، ولا نرزأهم شيئا، إلا أن نعود عليهم بأفضل منه، فأنزل الله عز وجل في قول ثابت بن رفاعة الأنصاري:
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»