تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ١١٢
المنافقين قالوا للمؤمنين في قتال أحد: لم تقتلون أنفسكم وتهلكون أموالكم، فإنه لو كان محمد بيننا لم يسلط عليكم القتل، فرد المؤمنون عليهم، فقالوا: قال الله: من قتل منا دخل الجنة، فقال المنافقون: لم تمنون أنفسكم بالباطل؟ فأنزل الله عز يوم أحد:
* (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) *، نزلت في عثمان بن عفان وأصحابه، رحمهم الله.
يقول الله عز وجل: * (ولما يأتكم مثل) *، يعني سنة، * (الذين خلوا من قبلكم) * من البلاء، يعني مؤمني الأمم الخالية، ثم أخبر عنهم ليعظ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: * (مستهم) *، يعني أصابتهم * (البأساء) *، يعني الشدة، وهي البلاء، * (والضراء) *، يعني البلاء، * (وزلزلوا)، يعني وخوفوا * (حتى يقول الرسول) * وهو اليسع * (والذين ءامنوا معه) *، وهو حزقيا الملك حين حضر القتال ومن معه من المؤمنين، * (متى نصر الله) *، فقال الله عز وجل: * (ألا إن نصر الله قريب) * [آية: 214]، يعني سريع، وإن ميشا بن حزقيا قتل اليسع، واسمه أشعيا.
تفسير سورة البقرة آية [215] * (يسئلونك ماذا ينفقون) من أموالهم، وذلك أن الله أمر بالصدقة، فقال عمرو بن الجموح الأنصاري من بني سلمة بن جشم بن الخزرج، قتل يوم أحد، رضي الله عنه، قال: يا رسول الله، كم ننفق؟ وعلى من ننفق؟ فأنزل الله عز وجل في قول عمرو: كم ننفق؟ وعلى من ننفق؟: * (يسئلونك ماذا ينفقون) من الصدقة، * (قل ما أنفقتم من خير) * من مال، كقوله سبحانه * (إن ترك خيرا) * [البقرة: 180]، يعني مالا، * (فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل) *، فهؤلاء موضع نفقة أموالكم، * (وما تفعلوا من خير) * من أموالكم، * (فإن الله به عليم) * [آية: 215]، يعني بما أنفقتم عليم.
وأنزل في قول عمرو: يا رسول الله، كم ننفق من أموالنا؟ وعلى من ننفق؟ قول الله عز وجل: * (قل العفو) *، يعني فضل قوتك، فإن كان الرجل من أصحاب الذهب والفضة أمسك الثلث وتصدق بسائره، وإن كان من أصحاب الزرع والنخل أمسك ما يكفيه في سنته وتصدق بسائره، وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه يومه ذلك وتصدق بسائره، فبين الله عز وجل ما ينفقون في هذه الآية، فقال: * (قل العفو) *،
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»