تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ١٠١
وقوله سبحانه: * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) *، وذلك أن الله عز وجل نهى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الشهر الحرام أن يقاتلوا في الحرم إلا أن يبدأهم المشركون بالقتال، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو وأصحابه معتمرون إلى مكة في ذي القعدة، وهم محرمون عام الحديبية، والمسلمون يومئذ ألف وأربعمائة رجل، فصدهم مشركو مكة عن المسجد الحرام وبدأوهم بالقتال، فرخص الله في القتال، فقال سبحانه: * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) * * (ولا تعتدوا) * فتبدأوا بقتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم، فإنه عدوان، * (إن الله لا يحب المعتدين) * [آية: 190]، ثم قال سبحانه:
* (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) *، يعني أين أدركتموهم في الحل والحرم، * (وأخرجوهم) * من مكة * (من حيث أخرجوكم) *، يعني من مكة، * (والفتنة أشد من القتل) *، يعني الشرك أعظم عند الله عز وجل جرما من القتل، نظيرها: * (ألا في الفتنة سقطوا) * [التوبة: 49]، يعني في الكفر وقعوا، فلما نزلت: * (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) *، أنزل الله عز وجل بعد:
* (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) *، يعني أرض الحرم كله، فنسخت هذه الآية، ثم رخص لهم، * (حتى يقاتلوكم فيه) *، يعني حتى يبدءوا بقتالكم في الحرم، * (فإن قاتلوكم) * فيه، * (فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين) * [آية: 191] إن بدأوا بالقتال في الحرم أن يقاتلوا فيه.
ثم قال سبحانه: * (فإن انتهوا) * عن قتالكم ووحدوا ربهم، * (فإن الله غفور) * لشركهم * (رحيم) *) [آية: 192] بهم في الإسلام، نظيرها في الأنفال: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) * [الأنفال: 39] إلى آخر الآية: ثم قال:
* (وقاتلوهم) * أبدا * (حتى لا تكون فتنة) *، يقول: حتى لا يكون فيهم شرك فيوحدوا ربهم ولا يعبدوا غيره، يعني مشركي العرب خاصة، * (ويكون) *، يعني ويقوم * (الدين لله) *، فيوحدوه ولا يعبدوا غيره، * (فإن انتهوا) * عن الشرك ووحدوا ربهم، * (فلا عدوان) *، يعني فلا سبيل * (إلا على الظالمين) * [آية: 193] الذين لا يوحدون ربهم، نظيرها في القصص: * (فلا عدوان علي) * [القصص: 28]، يعني فلا سبيل علي.
تفسير سورة البقرة آية [194]
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»