تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٩
ثم ذكر مؤمني أهل التوراة، عبد الله بن سلام وأصحابه، منهم: أسيد بن زيد، وأسد بن كعب، وسلام بن قيس، وثعلبة بن عمر، وابن يامين، وأسمه سلام، فقال: * (والذين يؤمنون) *، يعني يصدقون * (بما أنزل إليك) * يا محمد من القرآن أنه من الله نزل، * (وما أنزل من قبلك) * على الأنبياء، يعني التوراة والإنجيل والزبور، * (وبالآخرة هم يوقنون) * [آية: 4]، يعني يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال بأنه كائن، ثم جمعهم جميعا، فقال سبحانه: * (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) * [آية: 5].
فلما سمع أبو ياسر بن أخطب اليهودي بهؤلاء الآيات، قال لأخيه جدى بن أخطب:
لقد سمعت من محمد كلمات أنزلهن الله على موسى بن عمران، فقال جدى لأخيه: لا تعجل حتى تتثبت في أمره، فعمد أبو ياسر وجدى ابنا أخطب، وكعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، وحيى بن أخطب، وسعيد بن عمرو الشاعر، وأبو لبابة بن عمرو، ورؤساء اليهود، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال جدى للنبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا القاسم، أخبرني أبو ياسر بكلمات تقولهن آنفا، فقرأهن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال جدى: صدقتم، أما * (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) *، فنحن هم، وأما * (والذين يؤمنون بما أنزل إليك) * فهو كتابك، * (وما أنزل من قبلك) *، فهو كتابنا، * (وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) *، فأنتم هم قد آمنتم بما أنزل إليكم وإلينا، وآمنتم بالجنة والنار، فآيتان فينا وآيتان فيكم.
ثم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ننشدك بالله أنها نزلت عليك من السماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
' أشهد بالله أنها نزلت علي من السماء '، فذلك قوله سبحانه في يونس:
* (ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي) * [يونس: 53]، يعني ويستخبرونك أحق هو؟
قل: * (إي وربي) *، ويعني بلى وربي إنه لحق. فقال جدى: لئن كنت صادقا، فإنكم تملكون إحدى وسبعين سنة، ولقد بعث الله عز وجل في بني إسرائيل ألف نبي كلهم يخبرون عن أمتك ولم يخبرونا كم تملكون حتى أخبرتنا أنت الآن، ثم قال جدى لليهود:
كيف ندخل في دين رجل منتهى ملك أمته إحدى وسبعون سنة، فقال عمر بن الخطاب، رضوان الله عليه: وما يدريك أنها إحدى وسبعون سنة؟ فقال جدى: أما ألف
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»