تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٦٥
كتابك، وعصوا أمرك، فأمر الله عز وجل الملائكة وجبريل، فرفعوا من الأرض المقدسة جبلا فوق رؤوسهم، فحال الجبل بينهم وبين السماء، فقال موسى، عليه السلام، لبني إسرائيل: إن لم تقبلوا التوراة طرح هذا الجبل، فيرضخ به رءوسكم، وكان الجبل منهم قدر ميل، فلما رأوا ذلك قبلوها، فذلك قوله سبحانه: * (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم) * [الأعراف: 171]، خذوا ما ءاتيناكم بقوة) *، يعني ما آتيناكم من التوراة بالجد والمواظبة عليه، فرجع الجبل إلى مكانه، فقال موسى لبني إسرائيل: * (واسمعوا) *، يقول: اسمعوا ما في التوراة من الحدود، والأحكام، والشدة * (قالوا سمعنا) * بذلك الذي تخوفنا به من أمر الجبل، * (وعصينا) * أمرك، فلا نتبع ما جئتنا به من الشدة في التوراة، والعجل كان أرفق بنا، وأهون علينا مما جئتنا به من الشدة، يقول الله عز وجل: * (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) *، قال لهم موسى: أن تحبوا شيئا دونه يعدل حبه في قلوبكم، كحب الله خالقكم، * (قل بئسما يأمركم به إيمانكم أن كنتم مؤمنين) * [آية: 93]، كما تزعمون.
تفسير سورة البقرة آية [94] ثم أخبر أنه حين رفع الجبل عليهم والبحر من ورائهم، خافوا الهلكة، فقبلوا التوراة، * (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة) *، يعني الجنة، وذلك أن اليهود قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، وأن الله لن يعذبنا، فقال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لهم * (إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة) * * (من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) * [آية: 94]، يقول: فأحبوا الموت إن كنتم أولياء الله وأحباؤه، وأنكم في الجنة، قال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم * (وأسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت) * [الأعراف: 163]، ألم أمسخهم قردة بمعصيتهم.
تفسير سورة البقرة آية من [95 - 96] ثم أخبر عنهم بمعصيتهم، فقال: * (ولن يتمنوه أبدا) *، يعني ولن يحبوه أبدا، يعني
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»