تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٤١١
يا موسى، هل يستطيع ربك أن يفعل بنا أشد من هذا؟ فأرسل الله عليهم الضفادع، فدبت في بيوتهم، وعلى ظهورهم، فكان يستيقظ الرجل من نومه وعليه منهم كثرة، فقال فرعون لموسى: ادع لنا ربك فيهلكه، فإنه لم يعذب أحد قط بالضفادع، فدعا موسى ربه، فأمات الضفادع، فأرسل الله مطرا جوادا، فجزى بهم الماء حتى قذفهم في البحر.
فقالوا: إنما كان هذا الضفادع من المطر الذي كان أصابنا، فلن يعود إلينا أبدا، فنكثوا، فأرسل الله عليهم الدم، حتى صارت أنهارهم، وركاباهم دما، وأنهار بني إسرائيل ماء عذبا، فإذا دخل القبطي ليستقى من ماء بني إسرائيل، صار دما ما بين يديه وما خلفه صاف، إذا تحول ليأخذ من الصافي، صار دما وخلفه صاف، فمكثوا ثلاثة أيام لا يذوقون ماء صافيا، فقالوا لفرعون: هلكنا وهلكت مواشينا وذرارينا من العطش، فقال لموسى: ادع لنا ربك ليكشف عنا، ونعطيك ميثاقا لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ، فدعا موسى ربه، فكشفه عنهم، ولما شربوا الماء نكثوا العهد.
فذلك قوله: * (لما وقع عليهم الرجز) *، يعني العذاب الذي كان نزل بهم، * (قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز) *، يعني هذا العذاب كله، * (لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل) * [آية: 134] إلى فلسطين.
يقول الله: * (فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه) *، يعني الغرق، * (إذا هم ينكثون) * [آية: 135] العهد الذي عاهدوا عليه موسى، عليه السلام، لقولهم: لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل إلى فلسطين.
يقول الله: * (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم) * بلسان العبرانية، يعني به البحر، وهو نهر بمصر، * (بأنهم كذبوا بآياتنا) *، يعني الآيات التسع، قالوا: يا أيها الساحر، أنت الذي تعمل هذه الآيات، وإنها سحر، وليست من الله، * (وكانوا عنها غافلين) * [آية:
136]، يعني معرضين، فلم يتفكروا فيها فيعتبرون.
قال فرعون لموسى في حم الزخرف: * (يا أيها الساحر ادع لنا ربك) * [الزخرف:
49]، فقال: لا أدعو وأنتم تزعمون أنى ساحر، فقال في الأعراف: * (يا موسى ادع لنا ربك) * [الأعراف: 134]، يعني سل لنا ربك.
تفسير سورة الأعراف آية [137 - 141]
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»