تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٣١
يعني اختارها، وطهرها من الإثم، واختارها على نساء العالمين، وجعلها زوجة محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة.
قوله سبحانه: * (تكلم الناس في المهد) *، يعني تكلم بني إسرائيل صبيا في المهد حين جاءت به أمه تحمله، ويكلمهم كهلا حين اجتمع واستوت لحيته، * (وإذ علمتك الكتاب) *، يعني خط الكتاب بيده، * (والحكمة) *، يعني الفهم والعلم، وإذ علمتك التوراة والإنجيل، * (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير) *، يعني الخفاش، * (فتنفخ فيها) *، يعني في الهيئة، * (فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه) * الذي يخرج من بطن أمه أعمى، فكان عيسى، عليه السلام، يرد إليه بصره بإذن الله تعالى، فيمسح بيده عليه، فإذا هو صحيح بإذن الله، وأحيا سام بن نوح بإذن الله، حيث كلمه الناس، ثم مات فعاد كما كان، * (وإذ كففت بني إسرائيل عنك) *، يعني عن قتلك حين رفعه الله عز وجل إليه، وقتل شبيهه، وهو الرقيب الذي كان عليه، * (إذ جئتهم بالبينات) *، يعني بالعجائب التي كان يصنعها من إبراء الأكمه والأبرص والموتى والطير ونحوه.
* (فقال الذين كفروا منهم) *، يعني من اليهود من بني إسرائيل، * (إن هذا إلا سحر مبين) * [آية: 110]، يعني ما هذا الذي يصنع عيسى من الأعاجيب إلا سحر مبين، يعني بين، نظيرها في الصف، * (وإذا أوحيت إلى الحواريين) *، وهم القصارون مبيضو الثياب، وكانوا اثنى عشر رجلا، والوحي إليهم من الله عز وجل هو إلهام قذف في قلوبهم التصديق بالله عز وجل، بأنه واحد لا شريك له، فذلك قوله عز وجل: * (أن آمنوا بي) * أن صدقوا بأني واحد ليس معي شريك، * (وبرسولي) *، عيسى ابن مريم أنه نبي رسول، * (قالوا آمنا) *، يعني صدقنا بما جاء به من عند الله، ونشهد أن الله عز وجل واحد لا شريك له، وأنك رسوله، * (وأشهد) * يا عيسى * (بأننا مسلمون) * [آية:
111]، يعني مخلصون بالتوحيد.
* (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك) *، يقول: هل يقدر على أن يعطيك ربك إن سألته * (أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله) *، فلا تسألوه البلاء، * (إن كنتم مؤمنين) * [آية: 112]، فإنها إن نزلت ثم كذبتم عوقبتم، * (قالوا نريد أن تأكل منها) *، فقد جعنا، * (وتطمئن قلوبنا) *، يعني وتسكن قلوبنا إلى ما تدعونا إليه، * (ونعلم أن قد صدقتنا) * بأنك نبي رسول، * (ونكون عليها من
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»